على من قتله القصاص إن كان القتل عمدا ، أو الدية والكفارة إن كان خطأ بالإجماع ، سواء كان عدوا لمؤمن آخر أو غير عدو ، وسواء كان المؤمنون الذين هم بينهم أعداء لآخرين أم غير أعداء.
أما الآية في سورة النساء فقوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) ، وليس للمؤمن قتل المؤمن خطأ ولا غير خطأ ، فمعنى الآية أن قتل المؤمن حرام على المؤمن وإن قتله خطأ ، فكأن الاستثناء لزوال الإثم لا غير ، فمعنى الآية والله أعلم : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا ويجب به القود إلا أن يقتله خطأ ، ثم بيّن تعالى حكم قاتل الخطأ فقال : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء : ٩٢] ، قال : فسماه عزوجل مؤمنا مع أنه من قوم عدو لنا ، وأوجب على قتله الكفارة دون الدية ، وهذا إذا قتله وهو يظنّ أنه كافر إلى آخر قوله ، ولا شكّ أن حكمه ذلك.
فإن كان المؤمن المقتول خطأ من قوم مؤمنين دفعت الدية إلى أهله ، وإن كان من قوم عدو لنا وهم الكفار فعلينا فيه تحرير رقبة ولا دية ؛ لأن أهله لا يستحقون علينا الدم لمكان جرمهم.
والتعليل أنه قتل وهو يظنّ أنه كافر ، فقتل الخطأ لا تنحصر صوره ، ولكن حكمه هذا متى وقع.
فأما قوله : ولا يعقل من هذا إلا أنه مؤمن بين كفار ، إذ لو كان مؤمنا بين مؤمنين لوجب على من قتله القصاص إن كان القتل عمدا ، أو الدية والكفارة إن كان خطأ بالإجماع ، وهذا مقصود إيراده ، وما بعده فرع عليه.