واليمن عيالا على الديلم وخراسان ، والعلوم التي كانت (في تلك) (١) الجهة استطعم سماعها من تلك الديار ولم يختلفوا فيما ذكرنا ، والدين لا يخاف عليه الكافر ، فكفره ولو ظهر وقهر فإنه لا يقدح في الدين ، والعالم هو قوام الدين وأسّه ، وإنما يؤتى الناس ممن يعتقد أنه يفهم ولا يفهم ، فهو آفة على الدين وأهله ؛ كما تكون الآفات في الأجساد والثمار ، ولا يدري أن وراء معرفته لأهل العلم مسلكا ، ولا لما جاء به مما سبق إلى فهمه لأهل الحقائق متركا ، فداؤه عضال ، وحفظه إهمال.
وأما ما ذكره أيده الله تعالى من أن قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) [الأنفال : ٧٢] ، فسماهم مؤمنين مع أنهم لم يهاجروا ، بل أقاموا في دار الحرب ، ونهى عزوجل عن ولايتهم على حسب الخلاف بين أهل العلم من المفسرين ، هل هي الوراثة أم غيرها؟
قال أيده الله تعالى : وأوجب عزوجل نصرتهم إلا على قوم بيننا وبينهم ميثاق.
قال : والمفهوم من هذه الآية أنها نزلت في قوم مؤمنين بين كفار ؛ إذ لو كانت الدار التي هم فيها قد أسلم أهلها كلهم لم تجب عليهم الهجرة ، ومن أي شيء يهاجروا إذا كانت الدار كلها قد أسلم أهلها ، فلم يبق إلا أنها نزلت في كفار بين مسلمين مؤمنين ، فسماهم تعالى مؤمنين ، ونهى عن ولايتهم.
__________________
(١) في (ب) : في هذه.