وسأل أيده الله : هل يجوز للمسلم السكنى في دار الحرب ، أم لا يجوز ، سواء كان يخاف على نفسه الفتنة أم لا يخاف؟
الجواب : أنّه لا يجوز للمسلم السكنى مع الكافرين ، وفيه آثار جمة يكفي فيها ما روينا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أنا بريء من مؤمن سكن مع كافر» ، ومن تبرأ منه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فليس بمسلم اتفاقا ، وكذلك قوله في المسلم والكافر : «لا تراءى نارهما» ، ووجوب الهجرة معلوم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أيامه صلىاللهعليهوآلهوسلم فذهب علماء آل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتصريح القاسم وأولاده أكبر أن ما كان للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو للإمام من بعده ، وأكثر المعتزلة يرى بذلك ، وقد ذكر الحاكم في (تحكيم العقول) أنه إذا غلب في ظنّه أنه إذا انتقل كان أقرب إلى فعل الطاعة وترك المعصية وجب عليه الانتقال ، وذكر القاسم بن إبراهيم عليهالسلام في كتاب (التحرير) في أصول الدين أنها تجب الهجرة من دار الفاسقين ، وأنه لا يصلّي على الميت فيها من يدّعي الإسلام شرعا ، ومتى ساكن الفاسقين مختارا كان فاسقا ، وإن ساكن الكافرين مختارا كان كافرا ، فالكافر يجوز سبيه ، وليس حكم الكفر يسقطه كون الشخص المعين زيديا.
وأما الدليل عليه من آيات الكتاب فكثير ، وإنما يستدل بالقليل ففيه كفاية ، قال تعالى : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) [إبراهيم : ٣٦] ، والمعلوم أن الواحد بل المائة والألف في بعض الأحوال لا بدّ أن يكون تابعا للكافرين ، وقال تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة : ٥١] ، ولا بدّ من توليه لهم وذلك يعلم بالاضطرار ؛ لأنه لا يتمكّن من التبري منهم بل هو نازل على حكمهم.
ويجوز للإمام والعالم سكنى دار الكفر متى كان متمكّنا من الدعاء إلى الله