مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ...) إلى آخر الآية [الحشر : ٧] ، أللفيء حكم آخر ، فما ذلك الحكم؟ وإذا كان حكمهما واحد فهل يجب الاستئثار أم لا؟ فيأخذها الأغنياء دون الفقراء مع قوله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) [الحشر : ٧].
قال : وبهذه الآية احتجّ عمر لما طلب منه قسمة أرض الخراج فامتنع ، وتركها للمسلمين على سواء ، وكان بمحضر من الصحابة فلم ينكر عليه أحد في ذلك وهذا السؤال فرع على أن حكمهما واحد ، أعني آية الفيء وآية الغنيمة.
قال : وإن كان الفيء الذي نهى الله عزوجل أن يكون دولة بين الأغنياء هو غير الغنيمة ، أنعم ببيانه؟
قال : وقد صرّح عزوجل ببيان حكمه بعد ذكر آية الفيء ، فقال عزوجل : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) [الحشر : ٨] ، وثنّى عزوجل بالأنصار ، وثلّث بالذين جاءوا من بعدهم ، فهذه ثلاثة أصناف من الأموال :
أحدها : الأنفال التي جعلها الله لله وللرسول.
الصنف الثاني : الغنيمة التي لم يجعل الله فيها لله وللرسول ولسائر الأصناف سوى الخمس.
الصنف الثالث : الفيء الذي جعله الله عزوجل للفقراء ، ونهى أن يكون دولة بين الأغنياء.
قال أيده الله : ينعم ببيان حكم كل واحد من هذه الأصناف المذكورة؟
الجواب عن ذلك : اعلم أيدك الله أنه لا فرق في الشرع الشريف بين الفيء والغنيمة إلا في اللفظ دون المعنى ، الفيء إن همز فأصله فاء إذا رجع ،