لبعض أصحابه رضي الله عنهم وقد سأله الولاية فقال : «إنك ضعيف وهي أمانة» (١) ، فلم يكفه مجرد إيمانه ما لم يكن قويا.
وأما قوله رفضه كثير لذلك ، واعتقدوا أن من ولاه هالك ، فما رفض ذلك اليوم واليوم إلا من دخل في الإسلام تقية ، وأراد التقية خوفا من ظباء المشرفية ، وعجزا من المقاومة بالحجة الجلية ، فلما أحسوا بحركة كثير من العوام ظهر مكتومهم ، وانتثر منظومهم ، وتذبذبوا عند اختضاب الأعلام بدم الطغاة الأعتام بين نفاق ووفاق لقيام الحق على ساق ، وما ذلك على الله بعزيز.
قال أرشده الله : ثم صاحب قوما من الغز فتعدى عليه دليم ، وقال من لم يتهمه : فهو مخط وفوق كل ذي علم عليم.
الكلام على ذلك : أنه قد أجاب على نفسه بقوله : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [يوسف : ٧٦] ، ومن تعدى فإنما يتعدى لعلة غفلة ، وقلة خبرته بالشريعة الشريفة وجهله.
قال أرشده الله : ثم كان من نهب أهل درب ظالم بعد الأمان ما كان فاعتذر بأن الذي فعله بهم لم يصدر منه ولكنه لم يأمر لأحد برد ما أخذ منه قال : والمعهود في الشريعة أنه لا يجوز نهبهم مع الأمان ، وذكر ما يجب من الوفاء بالعهود ، وأن ذمة العبد والمرأة جائزة ، وأن عماد الدين يحيى بن حمزة أمنهم وفرع ذلك إلى نهايته.
__________________
(١) أورده بلفظ : «إنك ضعيف وإنها أمانة» في موسوعة أطراف الحديث ٣ / ٤٨٧ ، وعزاه إلى صحيح مسلم في الإمارة رقم (١٦) والمستدرك ٤ / ٩٢ ، وفتح القدير ١٣ / ١٢٦ ، وإتحاف السادة المتقين ٨ / ٣١٧ ، وطبقات ابن سعد ٤ ، ١ ، ١٧٠ ، وابن أبي شيبة في مصنفه ١٢ / ٢١٥ ، وهو في المستدرك بلفظ : أن أبا ذر رضي الله عنه قال لرسول الله : أمّرني. فقال : «إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة» وفي لفظ آخر : «الإمارة أمانة وهي يوم القيامة خزي وندامة إلا من أمر بحق وأدى بالحق عليه فيها».