إمضائه لم يتعلق حكمه بفعله ورد إلى أصله ، فتفهم ذلك ، ولو سئل المؤيد عليهالسلام بما أبطل وقف الثلثين ما رجع إلا إلى هذا الأصل وأنه خالف الشرع فخرج عن باب القربة لأنه لا أصل نعلمه يرد إليه ويحمل عليه إلا ما قلنا.
وأما قوله أيده الله : إنه لم يحك عن أحد من أئمتنا أنه أبطل الوقف في شرع الإسلام والفتوى بجواز بيعه ولا شرائه مما يجوز ، ولا أجازه غير الأئمة من العلماء القائلين بصحة الوقف ؛ فكيف الأئمة عليهمالسلام ، وإنما الحديث فيما هذا حاله هل هو وقف أو غير وقف فالذي يجيز بيعه وشراءه يقول هو غير وقف ؛ وغير الوقف لا مانع من بيعه وشرائه في الشرع الشريف وما كان وقفا فلا يجوز بيعه بحال ، وقد ذكرنا أن ما كان غير قربة فلا يكون وقفا في الشرع النبوي ، وعمدتنا أنه لا أصل لمن صححه يرجع إليه إلا ما قدمنا فكيف يبنى على أصل لا تعتبر أحكامه.
وأما ما ذكر أنه وجد في كتب القاضي الحسن بن علي بن محمد بن أبي النجم (١) جواب عن سؤال سائل عمن وقف ماله ولم يورث البنات ولا الأخوات وذلك لا يجوز وهو وقف الجاهلية كانوا لا يورثون البنات ولا الأخوات من مال آبائهن ، ولا يورثون الصغير أيضا ، ويجعلون المال كله للكبير ، وكانوا مع ذلك يحرمون أولاد البنات ما خلفت أمهاتهم ، ويورثونه العصبة ، ويقولون أبناؤنا بنو أبنائنا وبنو النساء أباعد لا يورثون فجاء رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فنقض بحكم الله تعالى أحكامهم ، وأعطى النساء ما حكم الله
__________________
(١) هو : الحسن بن علي بن محمد بن أبي النجم قال ابن أبي الرجال : كان عالما مجتهدا فاضلا ، ولما دارت مسألة الوقف المخرج منه البنات ومنع منه المنصور واستدل بما هو مشهور عنه بلغه في كتابه من الأمير تاج الدين أحمد بن محمد أنه وجد في كتب هذا العلامة ما يشبه كلام المنصور وأن ذلك وقف الجاهلية فسّر الإمام لما وجدوه وحمد الله على ذلك. انظر مطلع البدور ـ خ ـ الجزء الأول ص ٢٩٥.