الوجوه ، والعمدة فيما قلنا هو ما قدمنا أن الوقف لا يجد له صحة أصلا إلا القرب ؛ فإذا أخرجه عن باب القربة وأجازه كان بانيا على غير أصل ، ووجه ما حكيناه عن الأئمة عليهمالسلام ما قدمنا ذكره من اعتقاده إن فعله ذلك على تلك الصورة يحتمل أن يكون قربة ، والثاني يظهر لنا ممن يفعل ذلك أنه لا يفعله إلا إيثارا للذكور ومحاذرة من إرث أولاد البنات ، وقد رأينا من بعضهم أنه يصرف لأولادها نصيبا إن كان من عصبته ، وإن كان من غيرهم قطعه ، وهذا قطع ميراث وارث ، وقد ورد فيه الوعيد فكيف تتعلق به القربة.
قال أيده الله حاكيا : وإن كان في حال المرض كان الثلث وقفا عليهم كما ذكر ، والثلثان يكون موقوفا على إجازة الباقين على الروايتين جميعا ؛ فإن أجازوه كان وقفا كما قال ، وإن لم يجيزوه كان وقفا على ما يقتضيه الميراث ؛ وذلك لأنه ليس له أن يزوي من ماله عن الورثة في حال المرض أكثر من الثلث ، فالوقف في حال المرض يجري مجرى الوصية ؛ فأما مقدار الثلث فله أن يتصرف فيه كيف شاء للخبرين اللذين قدمنا في الهبة ، وعند المؤيد بالله قدس الله روحه إذا كان ذلك في حال المرض فإنما زاد على الثلث رد على جميعهم ملكا لا وقفا.
الكلام في ذلك : أنه ينبني ذلك على أن له أن يفعل في الثلث ما شاء مطلقا ، وعندنا أن له أن يفعل فيه ما شاء ما لم يمنع منه الشرع النبوي زاده الله جلالة وشرفا ، وقد بينا أن الشرع النبوي منع من إيثار بعض الورثة على بعض في حال الصحة ، فكيف يجوز ذلك في حال المرض وله أن يعطي الثلث في حال المرض من شاء ، وذلك خارج عن باب الوقف ؛ لأن الوقف لا ينبني إلا على القربة وإلا كان خارجا عن بابه ، ولأن قوله : ليس له أن يزوي عن ورثته أكثر من الثلث في حال مرضه ، فقد رجع إلى تعليلنا إنما منعته الشريعة من