لا جائز أن يقال بالأول : فإنه لا معنى لكون المعلوم معلوما ؛ غير تعلق العلم به.
فالقول بكونه غير معلوم مع الاعتراف بتعلق العلم به موافقة على / المعنى ، ونزاع فى العبارة ؛ ولا حاصل له.
فلم يبق إلا أن يكون معلوما ؛ وهو المطلوب.
فإن قيل : ما ذكرتموه وإن دل على كون المعدوم معلوما ؛ فهو معارض بما يدل على أنه غير معلوم ؛ وهو أنه غير معلوم.
وهو أنه لو كان المعدوم معلوما : فإما أن يكون متميزا فى التعقل عن الموجود ، أو لا يكون متميزا عنه.
فإن كان الأول : فالتمييز صفة ثبوتية ؛ لأن نقيض التمييز لا تمييز ولا تمييز عدم ؛ فالتمييز ثبوت ؛ ويلزم من ذلك أن يكون المعدوم ثبوتيا ؛ ضرورة اتصافه بالصفة الثبوتية ؛ وكون المعدوم ثبوتيا محال كما يأتى.
وإن كان الثانى : فهو غير معلوم.
قلنا : المعدوم متميز عن الموجود فى نفس الأمر سواء كان معلوما ، أو لم يكن معلوما.
ويدل عليه : أنه لو لم يكن متميزا عنه فى نفس الأمر ؛ للزم أن من علم بالوجود ، أن يكون عالما بالعدم ؛ ضرورة عدم التمايز بينهما ؛ وهو محال.
قولهم :
التمييز صفة ثبوتية ، لا نسلم ذلك بل تمييز المعلوم عن غيره تارة يكون بأمر عدمى ، وتارة بأمر ثبوتى.
وعلى هذا : فالتمييز إن كان وجوديا ؛ كان سلبه عدميا ، وإن كان بأمر عدمى : كان سلبه ثبوتيا ؛ لأن سلب السلب إثبات.