الفصل الرابع
فى أن الجواهر متجانسة غير متجددة
أما
التجانس : فقد اتفقت
الأشاعرة ، وأكثر المعتزلة على أن الجواهر متماثلة متجانسة.
وذهب النّظام ،
والنجار من المعتزلة. بناء على قولهما بتركب الجواهر من الأعراض إلى أن الجواهر إن
تركبت من الأعراض المختلفة ؛ فهى / مختلفة.
قالا : ولهذا فإنا
ندرك الاختلاف بين بعض الجواهر : كالاختلاف الواقع بين النار ، والهواء والماء ،
والتراب ضرورة. كما ندرك الاختلاف بين السواد ، والبياض ، والحرارة ، والبرودة ،
والرطوبة واليبوسة ، وسائر الأعراض المختلفة ؛ وهو باطل.
أما كون الجواهر
مركبة من الأعراض : فبما سبق .
وأما ما ندركه من
الاختلاف بين الجواهر : كالأمثلة المضروبة ؛ فلا نسلم أنه عائد إلى اختلاف الجواهر
فى أنفسها ؛ بل هو عائد إلى الأعراض القائمة بها. واختلاف الأعراض لا يدل على
اختلاف المعروض له فى نفسه.
فإن
قيل : ما ذكرتموه وإن
دل على إبطال مأخذ القائلين بالاختلاف ، فما دليلكم فى التماثل ، والتجانس؟
فلئن
قلتم : دليل التماثل
اشتراك جميع الجواهر فى صفات نفس الجوهر وهى التحيز ، وقبول الأعراض ، والقيام
بنفسه.
فنقول
: وما المانع من
كون الجواهر مختلفة بذواتها ، وإن اشتركت فيما ذكرتموه من الصفات ؛ فإنه لا مانع
من اشتراك المختلفات فى عوارض عامة لها. وإنما يثبت كون ما ذكرتموه من صفات نفس
الجواهر أن لو لم تكن الجواهر مختلفة. وهذه أعراض عامة
__________________