ولا فرق بين قول القائل : الحادث : ما كان بعد ما لم يكن ، وبين قوله : بعد لا شيء.
الثانى : وربما أورده بعض متفلسفة الإسلام وقال / هذه العبارات مشعرة بتقدم العدم على الوجود ، وقد بان فيما تقدم (١) أن أقسام التقدم خمسة وهى : التقدم بالعلية ، والطبع والشرف ، والرتبة ، والزمان وليس تقدم العدم على الوجود بالعلية.
إذ العدم لا يكون علة للوجود ؛ ولأن العلة لا بد وأن تكون مع المعلول ، وعدم الشيء لا يكون مع وجوده.
ولا بالشرف : وإلا كان عدم الشيء أشرف من وجوده ؛ وهو محال.
ولا بالرتبة : فإنا لو قطعنا النظر عن مبدأ محدود يكون العدم أقدم من الوجود بالنسبة إليه ، لما خرج عن كونه متقدما.
ولأنه لا شيء أسبق من العدم القديم حتى يكون أقرب إليه من الوجود.
فلم يبق إلا التقدم بالطبع ، والزمان.
فإن كان الأول : فتفسير حدوث العالم بتقدم العدم عليه بالطبع ؛ مسلم.
فإن العالم ممكن الوجود بذاته ، [وممكن الوجود بذاته] (٢) ؛ لا يكون مستحقا للوجود من ذاته ؛ بل من غيره.
بخلاف العدم. وما يكون مستحقا بالذات ، يكون أقدم بالطبع مما هو مستحق بالغير.
ولا يلزم من ذلك أن يكون متحققا بالفعل.
وإن كان الثانى : وهو التقدم بالزمان ؛ فقد بينا (٣) أن المتقدم بالزمان ما كان فى زمان متقدم ، على زمان المتأخر.
ويلزم من ذلك أن يكون زمان العدم السابق أزليا ؛ ضرورة كون العدم أزليا.
ويلزم من قدم الزمان ، قدم الحركة ؛ إذ هو من عوارضها.
__________________
(١) راجع ما مر ل ٨١ / أوما بعدها.
(٢) ساقط من (أ).
(٣) راجع ما مر ل ٨١ / ب.