فإن قيل : الحدوث إنما افتقر إلى الفاعل ؛ لأنه جائز أن يكون ، وجائز أن لا يكون ؛ بخلاف ما ذكرناه من الصفات.
فإنها مع فرض الحدوث ليست جائزة أن تكون ، وجائزة أن لا تكون ؛ بل واجبة الوقوع مع الحدوث ؛ فلا يلزم من افتقار الحدوث إلى الفاعل ؛ افتقارها إليه.
قلنا : فيلزمكم من تسليم كون الحدوث مستندا إلى الفاعل ؛ لكونه جائزا ؛ أن يكون وقوع الكلام مقيدا ، ومصروفا إلى بعض جهات الإفادة وكذلك صرف الفعل إلى بعض جهاته من التعظيم ، والإهانة ، والطاعة والمعصية مستندا إلى / الفاعل ؛ لكونه جائزا بالاتفاق منهم ؛ ولم يقولوا به. ثم قد بينا أن ما ذكروه من الصفات أيضا جائزة ؛ فيلزم استنادها إلى الفاعل.
قولهم : إنها واجبة الوقوع مع الحدوث.
قلنا : الحدوث وما ذكروه من الصفات متلازمان وجودا ، وعدما ؛ فإنه كما أنه يلزم من الحدوث ما ذكروه من الصفات ، ومن عدمه عدمها.
فكذلك يلزم تحقق الحدوث عند فرض تحققها وعدمه ، عند فرض عدمها.
وعند ذلك : فليس القول بكون الحدوث جائزا ، واستناده إلى الفاعل وجعل باقى الصفات واجبة التبعية ؛ أولى من العكس.
وإن سلمنا أن الحدوث جائز ، وباقى الصفات المذكورة واجبة.
فلم قلتم بأنه لا يعلل ما كان من الأحكام واجبا ، وإنما (١١) / / يعلل منها ما كان جائزا؟
وعلى هذا : فكون العالم عالما فى الشاهد عند قيام العلم به : إما أن يكون واجبا ، أو جائزا
فإن قلتم : إنه واجب ؛ فيلزم أن لا يعلل طردا لأصلكم فى هذا الباب ؛ وقد قيل إنه معلل ؛ فلا يكون واجبا.
وإن كان جائزا : فيلزم استناده إلى الفاعل ؛ ضرورة كونه جائزا كما قلتم فى الحدوث.
__________________
(١١)/ / أول ل ٣٧ / ب.