كان في مفهومه زيادة فتلك الزيادة هل هي مختصة بذات الموجود أم لا؟ فإن قالوا لا فهو محال إذ يخرج به عن أن يكون وصفا له وإن كان مختصا بذاته فنحن لا نعني بالعلم إلا ذلك وهي الزيادة المختصة بالذات الموجودة الزائدة على الوجود التي يحسن أن يشتق للموجود بسببه منه اسم العالم ، فقد ساعدتم على المعنى وعاد النزاع إلى اللفظ ، وإن اردت إيراده على الفلاسفة قلت : مفهوم قولنا قادر مفهوم قولنا عالم أم غيره؟ فإن كان هو ذلك بعينه فكأنا قلنا قادر قادر ، فإنه تكرار محض ، وإن كان غيره فإذا هو المراد فقد أثبتم مفهومين أحدهما يعبر عنه بالقدرة والآخر بالعلم ورجع الإنكار إلى اللفظ.
فإن قيل : قولكم أمر مفهومه عين المفهوم من قولكم آمر وناه ومخبر أو غيره ، فإن كان عينه فهو تكرار محض ، وإن كان غيره فليكن له كلام هو أمر وآخر هو نهي وآخر هو خبر ، وليكن خطاب كل شيء مفارقا لخطاب غيره ، وكذلك مفهوم قولكم إنه عالم بالأعراض أهو عين مفهوم قولكم إنه عالم بالجواهر أو غيره؟ فإن كان عينه فليكن الإنسان العالم بالجوهر عالما بالعرض بعين ذلك العلم ، حتى يتعلق علم واحد بمتعلقات مختلفة لا نهاية لها ، وإن كان غيره فليكن لله علوم مختلفة لا نهاية لها وكذلك الكلام والقدرة والإرادة وكل صفة لا نهاية لمتعلقاتها ينبغي أن لا يكون لأعداد تلك الصفة نهاية ، وهذا محال ، فإن جاز أن تكون صفة واحدة تكون هي الأمر وهي النهي وهي الخبر وتنوب عن هذه المختلفات جاز ان تكون صفة واحدة تنوب عن العلم والقدرة والحياة وسائر الصفات ، ثم إذا جاز ذلك جاز أن تكون الذات بنفسها كافية ويكون فيها معنى القدرة والعلم وسائر الصفات من غير زيادة وعند ذلك يلزم مذهب المعتزلة والفلاسفة.
والجواب أن نقول : هذا السؤال يحرك قطبا عظيما من اشكالات الصفات ولا يليق حلها بالمختصرات ، ولكن إذا سبق القلم إلى إيراده فلنرمز إلى مبدأ الطريق في حله ، وقد كعّ عنه أكثر المحصلين وعدلوا إلى التمسك بالكتاب