القطب
الأول
(في
النظر في ذات الله تعالى وفيه عشر دعاوى)
(الدعوى
الأولى) : وجوده تعالى وتقدس ، برهانه أنا نقول كل حادث فلحدوثه سبب
، والعالم حادث فيلزم منه إن له سببا ، ونغني بالعالم كل موجود سوى الله تعالى.
ونعني بكل موجود سوى الله تعالى الأجسام كلها وأعراضها ، وشرح ذلك بالتفصيل أنا لا
نشك في أصل الوجود ، ثم نعلم أن كل موجود اما متحيزا أو غير متحيز ، وأن كل متحيز
إن لم يكن فيه ائتلاف فنسميه جوهرا فردا ، وإن ائتلف إلى غيره سميناه جسما ، وإن
غير المتحيز اما أن يستدعي وجوده جسما يقوم به ونسميه الأعراض ، أو لا يستدعيه وهو
الله سبحانه وتعالى. فاما ثبوت الأجسام وأعراضها. فمعلوم بالمشاهدة ، ولا يلتفت
إلى من ينازع في الأعراض وإن طال فيها صياحه وأخذ يلتمس منك دليلا عليه ، فإن شغبه
ونزاعه والتماسه وصياحه ، إن لم يكن موجودا فكيف نشتغل بالجواب عنه والإصغاء إليه ،
وإن كان موجودا فهو لا محالة غير جسم المنازع إذ كان جسما موجودا من قبل ، ولم يكن
التنازع موجودا فقد عرفت أن الجسم والعرض مدركان بالمشاهدة. فإما موجود ليس بجسم
ولا جوهر متحيز ولا عرض فيه فلا يدرك بالحس ونحن ندعي وجوده وندعي أن العالم موجود
به ، وبقدرته ، وهذا يدرك بالدليل لا بالحس ، والدليل ما ذكرناه ، فلنرجع إلى
تحقيقه. فقد جمعنا فيه اصلين فلعل الخصم ينكرهما ، فنقول له : في أي الأصلين تنازع؟
فإن قال إنما أنازع في قولك إن كل حادث