فبات الناس يتداولون ليلتهم ، أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس ، غدوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال النبيّ : أين عليّ بن أبي طالب؟
فقالوا : إنه أرمد العين ، فأرسل إليه ، فأتى ، فبصق رسول الله في عينيه ودعا له ، فبرئ فأعطاه الراية ، ومضى عليّ ، فلم يرجع حتى فتح الله على يديه (١).
وفي الخصال بإسناده عن عامر بن واثلة قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول يوم الشورى : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله حين رجع عمر يجبّن أصحابه ويجبّنونه قد ردّ راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منهزما ، فقال رسول الله «لأعطين الراية غدا رجلا ليس بفرّار ، يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه» فلمّا أصبح قال : «ادعوا لي عليّا» فقالوا : يا رسول الله هو رمد ما يطرف ، فقال جيئوني به ، فلمّا قمت بين يديه تفل في عيني وقال : اللهم أذهب عنه الحرّ والبرد ، فأذهب الله عني الحرّ والبرد إلى ساعتي هذه ، فأخذت الراية ، وهزم الله المشركين ، وأظفرني بهم ، غيري؟ قالوا : اللهم لا .. (٢).
وفي رواية : أن أبا بكر أخذ راية المهاجرين ليقاتل بها ثم رجع منهزما ، ثم أخذها عمر من الغد فرجع منهزما يجبّن الناس ويجبّنونه حتى ساء رسول الله ذلك ، فقال : لأعطين الراية غدا رجلا كرار غير فرار ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ، فغدت قريش يقول بعضهم لبعض : أما عليّ فقد كفيتموه فإنه أرمد لا يبصر موضع قدمه ، وقال عليّ عليهالسلام لمّا سمع مقالة رسول الله : اللهم لا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت ، فأصبح رسول الله واجتمع إليه الناس ، قال سعد : جلست نصب عينيه ، ثم جثوت على ركبتي ، ثم
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٤ / ٥٧٥ ، صحيح مسلم ج ٤ / ١٠٨ ، مسند أحمد ج ١ / ٩٩ وج ٥ / ٣٣٣ ، مجمع الزوائد ج ٦ / ١٥ وقال : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، خصائص النسائي ص ٥ ، مستدرك الحاكم ج ٣ / ٣٨ و ٤٣٧ ، والنهاية لابن الأثير ج ٢ / ١٢٧ ، وإحقاق الحق ج ٥ / ٣٦٩ وج ٧ / ٤٣٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٢١ / ٢٠ ح ١٥ ، نقلا عن خصال الشيخ الصدوق.