يورد عليه :
لا ريب أنّ الاستثناء دليل العموم ، فيثبت لعلي أمير المؤمنين عليهالسلام جميع منازل هارون الثابتة له في الآية سوى النبوة ، ومن منازل هارون الإمامة لأنّ المراد بالأمر في قوله تعالى (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) هو الأعم من النبوة التي هي التبليغ عن الله تعالى ومن الإمامة التي هي الرئاسة العامة فإنهما أمران مختلفان ، ولذا جعل الله سبحانه إبراهيم نبيا وإماما بجعلين مستقلين وكان كثير من الأنبياء غير أئمة كمن كانوا في زمن ابراهيم وموسى فإنهم أتباع لهما وخاضعون لسلطانهما ، ويشهد للحاظ الإمامة وإرادتها من الأمر في الآية الأخبار السابقة المتعلقة بآخر الآيات التي ذكرناها في الخاتمة المصرّحة تلك الأخبار بأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا فقال : «اللهم إني أسألك بما سألك أخي موسى وأن تشرح لي صدري وأن تيسر لي أمري وتحل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري» فإن المراد هنا بالإشراك في أمره هو الإشراك بالإمامة لا الإشراك بالنبوة كما هو ظاهر ولا المعاونة على تنفيذ ما بعث فيه لأنه قد دعا له أولا بأن يكون وزيرا له.
وبالجملة : معنى الآية الكريمة أشركه في أمانتي الشاملة لجهتي النبوة والإمامة ، ولذا نقول إن خلافة هارون لموسى لما ذهب إلى الطور ليست كخلافة سائر الناس ممن لا حكم ولا رئاسة له ذاتا بل هي خلافة شريك لشريك أقوى ولذا لا يتصرف بحصوره ، فكذا أمير المؤمنين عليّ بحكم الحديث لدلالته على أن له جميع منازل هارون التي منها شركته لموسى في أمره سوى النبوة ، فيكون عليّ إماما مع النبيّ في حياته ، فلا بدّ أن تستمر إمامته إلى ما بعد وفاته ولا سيّما أن النظر في الحديث إلى ما بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ولذا قال : إلا أنه لا نبيّ بعدي ، ولو تنزلنا عن ذلك فلا إشكال بأن من منازل هارون أن يكون خليفة لموسى لو بقي بعده لأن الشريك أولى الناس بخلافة شريكه فكذا يكون الإمام عليّ عليهالسلام ، مع أن الآية الكريمة قاضية بفضل هارون على سائر قوم موسى فكذا عليّ بالنسبة إلى