الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن عليّ بن أبي طالب قال :
لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فقال لي : يا عليّ إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين .. إلى أن قال :
اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلّمهم وأبلغهم ما أمرت به ، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه ، فيهم أعماله أبو طالب وحمزة والعبّاس وأبو لهب ، فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله حذية من اللحم .. (ثم فعل ذلك في اليوم الثاني) فلما أكلوا ثانية تكلم رسول الله فقال :
يا بني عبد المطلب ، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
قال : فأحجم القوم عنها جميعا ، وقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (١).
أعلن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الحديث الشريف وصيّه وخليفته ووزيره يوم أعلن رسالته ، وكأنهما فرقدان في سماء الوحي لا يفترقان ، وما القيادة بعد النبيّ إلّا استمرارا لوظائف النبوة ، وإن كانت النبوة مختومة ولكنّ الوظائف والمسئوليات كانتا مستمرتين.
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٢ / ٦٣ والكامل في التاريخ ج ٢ / ٤٢ وإحقاق الحق ج ٤ / ٦٠ نقله عن أكابر علماء العامة بطرق متعددة صحيحة. وفي تفسير الثعلبي : قال النبيّ «.. ومن يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي ..» وكذا في فرائد السمطين للحمويني وكنز العمال المطبوع بهامش المسند ج ٥ / ٤١ ، ط / مصر.