ومؤمنة ، وهو قول ابن عبّاس والبراء بن عازب ومحمّد بن علي.
واعلم أن هذه الروايات وإن كثرت إلا أن الأولى حملها على أنه تعالى آمنه من مكر اليهود والنصارى ، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم ، وذلك لأن ما قبل هذه الآية بكثير وما بعدها بكثير لما كان كلاما مع اليهود والنصارى امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجه تكون أجنبية عما قبلها وما بعدها» (١).
يرد عليه :
أولا : ما ذكره الرازي من امتناع إلقاء هذه الآية على وجه تكون أجنبية عمّا قبلها وبعدها ، مجرد دعوى لا تستند إلى أية رواية.
فترجيحه لهذا الوجه على غيره من الوجوه العشرة مجرد استحسان منه بملائمة سياق الآيات من غير استناد إلى أية رواية ، «ونحن إذا علمنا أن ترتيب الآيات في الذكر الحكيم غير ترتيبها في النزول نوعا فلا يهمّنا مراعاة السياق تجاه النقل الصحيح ، وتزيد إخباتا إلى ذلك بملاحظة ترتيب نزول السور المخالف لترتيبها في القرآن ، والآيات المكيّة في السور المدنية وبالعكس» (٢).
وحتى لو قلنا بأن ترتيب الآيات كان بإيحاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو توقيفي باتفاق العامة ، مع أننا نعتقد أن الترتيب النوعي لم يكن منه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما بفعل من جاء بعده من خلفاء الجور.
وعلى كل حال سواء كان الترتيب توقيفيا أم هو باجتهاد الصحابة فالمعنون واحد وهو عدم حجية السياق.
قال السيوطي :
(الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في
__________________
(١) تفسير الرازي ج ١٢ / ٥٠.
(٢) الغدير ج ١ / ٢٢٦.