أما على مبنى أن الزكاة بمعنى الصدقة المستحبة ـ وهو الصواب ـ فلا مجال لهذا الإشكال قطعا فتأمل.
الشبهة السابعة :
إن تفسير المسلمين الشيعة للآية موضوع البحث لا يتناسب أو لا يتلاءم مع الآيات الواردة قبل وبعد هذه الآية ، لأن تلك الآيات جاءت فيها كلمة «الولاية» بمعنى الصداقة أو المحبة والنصرة ، فقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) (١) لا يراد منه ولاية التصرف في الأرواح والأموال لأن بطلان هذا كالمعلوم بالضرورة ، بل المراد لا تتخذوا اليهود والنصارى أحبابا وأنصارا فلا تخالطوهم ولا تعاضدوهم ثم لمّا بالغ في النهي عن ذلك قال : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ..) والظاهر ـ كما يدّعي الرازي ـ أن الولاية المأمور بها هاهنا هي المنهى عنها فيما قبل ، ولما كانت الولاية المنهي عنها فيما قبل هي الولاية بمعنى النصرة كانت الولاية المأمور بها هي الولاية بمعنى النصرة ، ولا يمكن أن يكون بمعنى الإمام ، لأن ذلك يكون إلقاء الكلام الأجنبي فيما بين كلامين مسوقين لغرض واحد ، وذلك يكون في غاية الركاكة والسقوط ، ويجب تنزيه كلام الله تعالى عنه (٢).
والجواب :
١ ـ ما استدل به الرازي على كون الآية بمعنى النصرة لوحدة سياق الآية السابقة واللاحقة على آية الولاية ، وأنه لو لا ذلك للزم إلقاء الكلام الأجنبي بين كلامين مسوقين لغرض واحد ، هذا الكلام دونه خرط القتاد ، وذلك بمنع الملازمة المذكورة ، إذ إنّ الآيات القرآنية بسبب نزولها بصورة تدريجية ، وبحسب الوقائع المختلفة تكون دائما ذات صلة بالأحداث التي نزلت الآيات في شأنها ، أي أن
__________________
(١) سورة المائدة : ٥١.
(٢) تفسير الرازي ج ١٢ / ٢٨.