والسؤال الجدير بالذكر : لما ذا البحث في تاريخنا الماضي؟ وما ذا نستفيد من طرح مباحث الخلافة ، وهل البحث في ذلك سوى مضيعة للعمر وفصم عرى وحدة المسلمين ، لا سيّما أنّ أصحاب ذلك التاريخ مضى زمنهم وتصرّمت أيّامهم ، فما ذا يفيدنا نبش الماضي ، في حين علينا التطلع إلى الحاضر والمستقبل؟!
هذا التساؤل يكرّره كثيرون ممن ينشدون توطيد عرى الوحدة بين المسلمين ، والوقوف جنبا إلى جنب ضد المتآمرين والمنافقين والكافرين.
والجواب :
أولا : نحن الإمامية مع كل صرخة حقّ تلمّ شعث المسلمين وتوحّد كلمتهم ، ولكن ليس ثمة شيء في ديننا إلّا وله علاقة بتاريخنا الماضي ، وما نملكه اليوم إنما هو نتاج الماضي.
ثانيا : إنّ التحدث عن الماضي يعني التحدث عن حق أنزل من أجله الوحي ، فعدم الإفصاح عنه يعني إسدالك الحجب والستائر عليه ، مما يعني تمييعه والإجهاز عليه.
وما السكوت عن الأضاليل والالتجاء إلى سبل التغطية على فضائح التاريخ إلّا خيانة عظمى للحق والحقيقة ، وإغراء للأجيال بقبح الأفعال ، مما يسبّب اختلاط تلكم الفضائح بحقائق الدين فيصير الإسلام ضحية كل رام ، وطعنة لكل طاعن ، وأكلة لكل طاعم.
ثالثا : التحدث عن التاريخ ومنه قصة الخلافة وما جرى بعدها ، يعني التحدث عن شيء أكّدته النصوص القرآنية والأحاديث النبوية ، فلو كان التحدث عنها أمرا غير مألوف أو قبيحا لكان ما ذكره القرآن والسنّة أمرا غير مألوف أو قبيحا ، وللغى ذكرها فيهما ، والله ورسوله منزهان عن ذكر اللغو.