ملاحظة :
المراد من قوله «ويجعلون المحرّم صفر» هو الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه ، وكانوا يسمّون المحرم صفرا ويحلّونه وينسئون المحرم أي يؤخرون تحريمه إلى ما بعد صفر ، لئلا يتوالى بينهم ثلاثة أشهر محرّمة تضيق عليهم أمورهم من الغارة وغيرها.
وأما قوله «إذا برأ الدبر» أي برأ ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها ومشقة السفر فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج.
«وعفا الأثر» أي اندرس أثر الإبل وغيره في سيرها.
قال ابن حجر في تعليل هذا الأمر :
وجه تعلق جواز الاعتماد بانسلاخ صفر مع كونه ليس من أشهر الحج ، وكذلك المحرّم أنهم لمّا جعلوا المحرّم صفرا ولا يبرأ دبر إبلهم إلا عند انسلاخه ، ألحقوه بأشهر الحج على طريق التبعية ، وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرّم الذي هو في الأصل صفر ، والعمرة عندهم في أشهر الحج(١).
كان هذا دأب قريش وسنتهم في العمرة وقد خالفهم الرسول في ذلك فقد روي عن الصحابي عمران بن الحصين قال :
تمتعنا على عهد رسول الله ونزل القرآن ، وقال رجل برأيه ما شاء (٢).
وحسب رواية مسلم عن عمران بن الحصين قال المطرّف :
إني لأحدّثك بالحديث اليوم ، ينفعك الله به بعد اليوم ، واعلم أن رسول الله قد اعمر طائفة من أهله في العشر ، فلم تنزل آية تنسخ ذلك ، ولم ينه عنه حتى
__________________
(١) راجع شرح الحديث بشرح النووي على مسلم وشرح ابن حجر بفتح الباري.
(٢) صحيح البخاري ج ٢ / ٤٨٧ ح ١٥٧١.