لا ها الله. أيوجب الردّة مجرّد امتناع الرجل المسلم الموحّد المؤمن بالله وكتابه عن أداء الزكاة لهذا الإنسان بخصوصه وهو غير منكر أصل الفريضة؟ أو يحكم عليه بالقتل عندئذ؟ وقد صحّ عن المشرّع الأعظم قوله : لا يحلّ دم رجل يشهد إن لا إله إلا الله ، وإني رسول الله إلّا بإحدى ثلاثة : النفس بالنفس ، والثيّب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة (١).
أيسلب امتناع الرجل المسلم عن أداء الزكاة حرمة الإسلام عن أهله وماله وذويه ويجعلهم أعدال اولئك الكفرة الفجرة الذين حقّ على النبي الطاهر شنّ الغارة عليهم؟ ويحكم عليهم بالسبي والقتل الذريع وغارة ما يملكون ، والنزو على تلكم الحرائر المأسورات؟ (٢).
لذا قال الجزري :
«وقد اختلف في ردته ـ أي مالك ـ وعمر يقول لخالد : قتلت امرأ مسلما ، وأبو قتادة يشهد أنهم أذّنوا وصلّوا ، وأبو بكر يردّ السبي ويعطي دية مالك من بيت المال ، فهذا جميعه يدل على أنه مسلم.
ووصف متمم بن نويرة أخاه مالكا فقال : كان يركب الفرس الحرون ويقود الجمل الثّفال وهو بين المزادتين النّضوحتين في الليلة القرّة وعليه شملة فلوت ، معتقلا رمحا خطّيا فيسري ليلته ثم يصبح وجهه ضاحكا كأنه فلقة قمر رحمهالله ورضي عنه» (٣).
لقد قتل مالك ونزي على زوجته وعلى الحرائر من قوم مالك بمرأى ومسمع أبي بكر ولم يبال بإلحاح عمر بن الخطاب على إقامة القصاص على خالد ، أليس هذا انتهاكا لحرمات الله وتجرؤا على الله عزوجل؟!
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب المحاربين ـ باب قول الله إن النفس بالنفس.
(٢) الغدير ج ٧ / ١٦٣.
(٣) أسد الغابة ج ٥ / ٤٩.