في نشأته الأولى تيارا سياسيا محضا ـ وهو ما أكّد عليه عدد من المستشرقين منهم : برنار لويس وجولد تسيهر وغيرهما ـ إلّا أنه في تكوينه المذهبي اللاحق كان من وحي اليهودي المتأسلم عبد الله بن سبأ ، وهذا ما أكدته المصادر السّنية المتقدمة ، حيث صوّرت للآخرين إن هذا التشيع الذي بدأ سياسيا ـ نتيجة ظروف تاريخية ـ سرعان ما انتظم في تعاليم دخيلة انتحلها بشكل منتظم بعض الثوار على النظام الأموي أو هشام بن الحكم في بداية الحكم العباسي ، كما نصت عليه النظريتان الأخيرتان ، ومن خلال هذه المماحكة ، يحاول أعداء الشيعة لفت الأنظار إلى كون الأمة التي تفجّر منها ذلك الصراع السياسي الأول ، وبالتالي الموقف الشيعي من الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، يصعب الإمساك بها ، في حين لم تعد الجماعة التي ناصرت عليا عليهالسلام تملك مشروعية ما ، غير أنّها ضالة ، وانتهى بها الإخفاق السياسي إلى مدّ الجسور مع القوى المتآمرة ضد السلطة السياسية القائمة ، وضد الإسلام بشكل عام.
نحن إذن ، أمام مشروعية زئبقية للموقف الشيعي ، مشروعية لم تبرح كونها في الزمن الأول ولاء سياسيا للإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام حيث تنطلي عليه اللعبة ، فلا يكون الإمامعليهالسلام سيد الحملة التصحيحية التي يسميها بعضهم «الفتنة» بل كان الأمر هنا يتعلق بيهودي مجهول الأصل ، وظّف شخصية علي بن أبي طالب عليهالسلام في مؤامرة يهودية.
زبدة المخض :
إنّ ما ذكره المفترون من كون مصدر التشيّع عبد الله بن سبأ يشكل عليه بالنقاط التالية :
أولا :
إنّ مبدأ التشيع كان سابقا على ظهور عبد الله بن سبأ ، ولكنّ أعداء الشيعة استغلوا دعوى اعتقاده بأحقية أمير المؤمنين علي عليهالسلام وبالبراءة من أعدائه ، حيث إن الرجل المذكور قد كاشف مخالفي الإمام عليهالسلام وكفّرهم ، من هنا قال من