في أجواء السورة
وفي هذه السورة المكية حديث عن إنزال القرآن في ليلة القدر التي هي من الليالي التي لا يستطيع أحد أن يبلغ الدرجة الحقيقية العميقة في تقدير عظمتها وقداستها ، حتى أنّ هذه الليلة الواحدة تفوق في فضلها ألف شهر ، وتنفتح السماء في أجوائها ليتنزّل الملائكة والروح ، الموكلون بالمهمات التي يكلفهم الله بها من كل أمر يتصل بالحياة والإنسان ، في ما يقدّره الله للناس في أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم. وهي ـ بعد ذلك ـ ليلة السلام الذي يغمر الكون من خلال ألطاف الله وفيوضاته على عباده ، والتي تستمر إلى مطلع الفجر.
ولكن ما هو موقع هذه الليلة في الزمن؟
إن التدقيق في الآيات التي تحدثت عن نزول القرآن يوحي بأنها من ليالي شهر رمضان ، وذلك كما في قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة : ١٨٥] ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) [الدخان : ٣ ـ ٥] فإن الظاهر منها ـ بالمقارنة مع سورة القدر ـ أن المراد بها ليلة القدر.
وقد اختلفت الأحاديث في تحديدها ، ولعل المشهور في أحاديث الإمامية أنها ليلة ثلاث وعشرين ، فقد جاء في رواية عبد الله بن بكير عن