في أجواء السورة
تحضّ هذه السورة المكية على القراءة باعتبارها السبيل إلى المعرفة ، لكن ليس مطلق قراءة ، إنما القراءة المسؤولية التي لا تتحرك باسم الذين يحوّلون المعرفة إلى انحراف بالإنسان عن الخط المستقيم ، بل تتحرك باسم الله الذي (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) حتى حوّله إلى خلق سويّ عاقل منفتح على الحياة كلها ، باسم الربّ الأكرم الذي يمنح عباده بكرمه كل خير وبركة ، ويقودهم إلى المعرفة بواسطة القلم الذي يكتب كل الوحي الذي ينزل من الله على رسله ليتعلّموه وليحفظوه ، ولتحفظ المعرفة مكتوبة للأجيال. ولكنّ هناك الذي يطغى إذا حصل على الغنى الذي يؤدي به إلى الشعور بالاستقلال ، فلا يفكر بالله الذي يرجع إليه العباد كلهم في الآخرة. كما أن هناك الذي ينهى (عَبْداً إِذا صَلَّى) فكيف به إذا كان هذا العبد (عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) ، وكيف به إذا (كَذَّبَ وَتَوَلَّى) ، وفي الوقت الذي علم بأن الله يراه.
فلا بدّ له أن ينتهي عن ذلك ، وإلا فسنجذبه بناصيته الكاذبة الخاطئة ، وليدع جماعته إذا أراد ، فإننا سندعو زبانية جهنم ليلقوه في النار ، فلا يجد ناصرا ولا معينا ، فلا تلتفت إليه ـ يا محمد ـ ولا تطعه في ما يقول ، واسجد لربك واقترب منه ، فإن القرب منه هو الأساس في الفلاح والنجاح.
* * *