في أجواء السورة
وهذه السورة التي اختلف الرأي في أنها مكية أو مدنية لأن ملامحها لا تبتعد عن أجواء ما قبل الهجرة وما بعدها ، كما اختلفت الروايات في أنها سورة مستقلة أو أنها جزء من سورة الضحى التي جرى الحديث فيها ـ في معرض الامتنان الإلهي ـ عما أنعم الله به على رسوله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مما يتناسب مع هذه السورة التي قد توحي بأنها تتمّة للحديث الذي بدأه الله هناك ، ولكننا نلاحظ اختلاف الأسلوب هنا عن الأسلوب هناك ، حيث جرى حديث الله عن نعمه في هذه السورة بأسلوب المتكلم ، بينما جرى الحديث في تلك السورة بأسلوب الغائب ، كما أن ختام السورة هنا يختلف عن ختامها هناك ، مما يدلّ على أن هناك غرضين مختلفين فيهما.
وفي هذه السورة امتنان إلهيّ على رسوله ، بأنه منحه الصدر المفتوح الواعي الذي ينشرح لكل وحي قرآني ، ولكل حكمة روحية أو عقلية ، وبأنه وضع عنه الثقل الذي يثقل الظهر ويجهده ويتعبه ، وبأن الله قد رفع ذكره في حياة الناس الإيمانية التي تلتقي به في صلواتها ، وفي كل واجباتها ومحرماتها ، في أفعالها وأقوالها وعلاقاتها العامة والخاصة ، وتذكير له بأن العسر لا يدوم ، بل يعقبه اليسر في تأكيد مكرّر لهذه الحقيقة ، ويدعوه إلى أن ينهي يومه بالتعب في عبادة الله والرغبة إليه في كل ما يريده لحياته.
* * *