في أجواء السورة
وهذه السورة المكية التي أرادت للإنسان أن يطوف بفكره في مشاهد الكون المتنوعة ، وفي واقع الخلق ، فهناك الليل والنهار ، وهناك الذكر والأنثى في طبيعة الخواصّ وفي حركة النتائج ، ليطلّ من خلال ذلك على تنوّع العمل في حياته ، واختلاف النتائج في مصيره ، فهناك الذي يعطي من ماله ومن جهده ومن علمه ، ويتقي الله ويصدّق بالحسنى ـ وهي العقيدة أو الجنة أو الآخرة ـ وهذا هو الذي ييسره الله لليسرى التي تيسر له أمره في الدنيا والآخرة ، وهناك الذي يبخل بماله الذي يملك الكثير منه ، فلا يعطي منه شيئا للمحرومين ، ويكذب بالحسنى ، وهذا هو الذي ييسره الله للعسرى فيضيّق عليه في الدنيا والآخرة ، ولا يستطيع أن يتفادى ذلك بواسطة ماله.
ويؤكد الله بأنه هو الذي يوجه الناس نحو الهدى ، وأن أمر الآخرة والأولى بيده ، ولذلك ، فإنه قد أنذر الناس النار التي تلتهب ، فلا يدخلها ويحترق بها إلى الأشقى الذي كذّب برسالات ربه وأعرض عنها وابتعد عن خط الاستقامة. أمّا الأتقى الذي يخشى مقام ربه ، ويأخذ بالتقوى ، كخطّ عمليّ للحياة ، فإنه سيبتعد عنها ليحصل على رضى الله ، ولذلك ، فإنه (يُؤْتِي مالَهُ) للمحتاجين إليه ليتزكى عند الله في لطف الله به ورحمته له ، فيعمل (ابْتِغاءَ وَجْهِ