الفقراء الآخرين. فالمسألة المهمّة هي أن نشبع مع أولادنا ، والمشكلة أن نجوع لنعمل على إيجاد الحل لذلك ، وليست المسألة المهمة أن يشبع الآخرون مع أولادهم ، وليست المشكلة أن يجوع المساكين لنفكر في إيجاد الحل لهم.
(وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) واللمّ : أكل الإنسان نصيب نفسه وغيره ، وأكله ما يجده من دون أن يميز الطيّب من الخبيث. وقد كان هناك جماعة من الناس ، في زمن نزول الآية ، يستغلّون ضعف اليتامى ، ولا سيّما الإناث منهم ، لينهبوا أموالهم ويأكلوها من دون حقّ ، فيأكل الكبير حصة أخيه اليتيم الصغير أو أخته اليتيمة الصغيرة ، لأنهما لا يستطيعان الدفاع عن نفسيهما ، من دون أن تمنعه عن ذلك رحمة أو شفقة ، لأن استغراقه في المسألة المالية الذاتية قد جمّد كل رحمة لديه ، وكل إنسانية عنده.
(وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) أي كثيرا عظيما ، لأنكم تربيتم على الاستغراق في حب المال كجزء من حب الدنيا التي استغرقتم فيها ، وأخلدتم إلى الأرض في كل إيحاءاتها المادية ، وربما تطور الأمر بكم إلى أكل أموال الناس بالباطل ، وإلى جعل الربا أساسا لمعاملاتكم ، وإلى التقاتل وسفك الدم الحرام للحصول على المال الحرام ، وذلك من خلال النظر إلى المال على أساس أنه القيمة كل القيمة ، والسعادة كل السعادة ، والخير كل الخير ، فلا قيمة أكبر منه ، ولا سعادة أكثر من الحصول عليه ، ولا خير إلا ما يمثله الحصول عليه من الخير.
* * *