واسترخاء ، فلا تطوف بهم ، في آفاقهم ، أفكار الذل ، ليغضّوا أبصارهم أمامها ، ولا تشغلهم المتاعب عن الانفتاح على كل الأجواء الجميلة التي تحيط بهم.
وهكذا توحي هذه الجلسة الاسترخائية بعمق النعيم الذي يعيشونه في شعورهم بالأنس والبشر والانطلاق ، بالرغم من المظاهر المادّيّة المحدودة للنعيم ، فيبدو على وجوههم في الحيوية الدافقة التي توحي بالنضارة والسرور.
* * *
شراب أهل الجنة
(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) فلا تغيب عن كل الذين ينظرون إليها لوضوحها من خلال تدفّق الدم في وجوههم ، وفيضان الحيوية في ملامحهم.
(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) وهو الشراب الخالص المصفّى ، الذي لا غش فيه ولا كدر ، أما كلمة «مختوم» ، فإنها توحي بالصيانة ، فلا يمسها أحد ، ليضع فيها أيّ شيء يسيء إلى المذاق أو الصحّة ، فهي مختومة مغلقة لا تفتح إلا عند الشراب (خِتامُهُ مِسْكٌ) وإذا كان الختم من المسك ، فإن إيحاءه يعني الرائحة الطيبة التي تضيف إلى مذاقه الطيب عطرا ينعش الروح. (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) في الحصول عليه من خلال الإيمان والعمل الصالح. وقد يوحي هذا التعبير ، بأن طبيعة هذا النعيم لا ينطلق من الطبيعة المادية المتمثلة في ذاته ، بل من الطبيعة الروحية التي تضفي على هذا الشراب لونا من السعادة التي لا يعرفها الناس.
(وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) في ما يمزج به الشراب من الماء كما يفعل الذين يمزجون الخمر بالماء ليخفّفوا من ثقل تأثيره. (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) أي من هذه العين التي يشرب بها عباد الله المقربون في ما يوحي به ذلك من الطهر والنقاء الذي يتناسب مع أرواح هؤلاء المنفتحة على إشراقة النور الطاهر لدى الله.
* * *