ـ نصيحة الصديق كامل : (المنتخب للطريحي ، ص ٢٨٠)
وكان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له (كامل) ، وكان صديقا لأبيه من قبله. فقال له : يا عمر ، مالي أراك بهيئة وحركة ، فما الّذي أنت عازم عليه؟. وكان كامل كاسمه ذا رأي وعقل ودين كامل. فقال له ابن سعد : إني قد وليت أمر هذا الجيش في حرب الحسين عليهالسلام ، وإنما قتله عندي وأهل بيته كأكلة آكل وكشربة ماء ، وإذا أنا قتلته خرجت إلى ملك الريّ. فقال له كامل : أفّ لك يا عمر بن سعد ، تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول الله؟!. أفّ لك ولدينك يا عمر ، أسفهت الحق وضللت الهدى؟!. أما تعلم إلى حرب من تخرج ، ولمن تقاتل؟. إنا لله وإنا إليه راجعون. والله لو أعطيت الدنيا وما فيها على قتل رجل واحد من أمة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لما فعلت. فكيف تريد قتل الحسين ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. وما الّذي تقول غدا لرسول الله إذا وردت عليه وقد قتلت ولده وقرة عينه وثمرة فؤاده ، وابن سيدة نساء العالمين وابن سيد الوصيين ، وهو سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين. وإنه في زماننا هذا بمنزلة جده في زمانه ، وطاعته فرض علينا كطاعته. وإنه باب الجنة والنار ، فاختر لنفسك ما أنت مختار. وإني أشهد بالله أن من حاربه أو قتله أو أعان عليه أو على قتله ، لا يلبث في الدنيا بعده إلا قليلا. فقال له عمر بن سعد : فبالموت تخوّفني ، وإني إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس ، وأتولى ملك الري. فقال له كامل : إني أحدثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله. اعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلى الشام ، فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي وتهت وعطشت ، فلاح لي دير راهب ، فملت إليه ونزلت عن فرسي ، وأتيت إلى باب الدير لأشرب ماء. فأشرف عليّ راهب من ذلك الدير وقال : ما تريد؟. فقلت له : إني عطشان. فقال لي : أنت من أمة هذا النبي ، الّذي يقتل بعضهم بعضا على حب الدنيا مكالبة ، ويتنافسون فيها على حطامها؟. فقلت له : أنا من الأمة المرحومة ، أمة محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال : إنكم أشرّ أمّة ، فالويل لكم يوم القيامة ، وقد عدوتم إلى عترة نبيكم ، تسبون نساءه وتنهبون أمواله!. فقلت : لا يا راهب ، نحن نفعل ذلك؟!. قال : نعم. وإنكم إذا فعلتم ذلك عجّت السموات والأرضون والبحار والجبال والبراري والقفار والوحوش والأطيار باللعنة على قاتله ، ثم لا يلبث قاتله في الدنيا إلا قليلا. ثم يظهر رجل يطلب بثأره ، فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله ، وعجّل الله بروحه إلى النار. ثم قال الراهب : إني لا أرى لك قرابة