أحد من قول الحق فيما طوّقتك. فقد وجبت عليك إذا الأمانة فيما حمّلتك. والله خير من روعي وخيف ، إنه بنا خبير لطيف.
فلما لم يجد بدّا من القول والإشارة ، قال : أي بنيّة ، ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحبّ إليّ لك وأرضى عندي ، والله أعلم بخيرهما لك. وقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واضعا شفتيه على شفتي حسين ، فضعي شفتيك حيث وضع رسول الله شفتيه. قالت : قد اخترته ورضيته .. فتزوجها الإمام الحسين بن علي عليهماالسلام وساق لها مهرا عظيما.
وبلغ معاوية الّذي كان من فعل أبي الدرداء في ذلك ، ونكاح الحسين عليهالسلام إياها ، فتعاظمه جدا ولامه شديدا. وقال : من يرسل ذا بله وعمى ، يركب خلاف ما يهوى. وكان عبد الله بن سلام قد استودع أرينب قبل فراقها بدرات مملوءة درّا ، وكان ذلك أعظم ماله لديه وأحبه إليه. وقد كان معاوية اطّرحه وقطع عنه جميع روافده لسوء قوله فيه وتهمته أنه خدعه. فلم يزل يجفوه حتّى عيل صبره ، وقلّ ما في يديه ، ولام نفسه على المقام لديه. فرجع إلى العراق ، وهو يذكر ماله الّذي استودعه إياها ، ولا يدري كيف يصنع فيه ، وأنّى يصل إليه ، وهو يتوقع جحودها لسوء فعله بها ، وطلاقه إياها من غير شيء أنكره عليها.
ردّ الحقّ إلى أهله :
فلما قدم العراق لقي الحسين عليهالسلام فسلّم عليه ، ثم قال له : قد عرفت ما كان من خبري وخبر أرينب. وكنت قبل فراقي إياها قد استودعتها مالا عظيما ، وكان الّذي كان ، ولم أقبضه ، ووالله ما أنكرت منها في طول صحبتها فتيلا ، ولا أظن بها إلا جميلا. فذاكرها أمري وحاضضها على ردّ مالي إليّ ، فإن الله يحسن إليك ذكرك ، ويجزل به أجرك. فسكت عنه.
ولما انصرف الحسين عليهالسلام إلى أهله ، قال لها : قدم عبد الله بن سلام ، وهو يحسن الثناء عليك ويحمل النشر عنك ، في حسن صحبتك ، وما آنسه قديما من أمانتك ، فسرّني بذلك وأعجبني. وذكر أنه كان استودعك مالا ، فأدّي إليه أمانته ، وردّي عليه ماله ، فإنه لم يقل إلا صدقا ، ولم يطلب إلا حقا. قالت : صدق. استودعني مالا لا أدري ما هو ، وإنه لمطبوع عليه بخاتمه ، ما حوّل فيه شيء إلى يومه ، وها هو فادفعه إليه بطابعه. فأثنى عليها الحسين عليهالسلام خيرا. وقال : أدخله عليك حتّى تبرئي إليه منه ، كما دفعه إليك.