الحسين عليهالسلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسين عليهالسلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسين عليهالسلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.
وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنه عليهالسلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج
إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك. ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.
ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.
فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيت عليهمالسلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسن عليهالسلام ولم يتعرض له الحسينعليهالسلام. ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسين عليهالسلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).
٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسين عليهالسلام بعياله إلى العراق؟ : (مقتل المقرم ص ١٢٥)
ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنه عليهالسلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب (١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون (يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.
وعرف سيد الشهداء عليهالسلام من حرائر الرسالة عليهالسلام الصبر على المكاره وملاقاة
__________________
(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.