والبصرة وعلماؤهما وقراؤهما. فلما دخل الشعبي عليه وسلّم ، فلم يبشّ به ، ولا وفّاه حقه من الرد عليه. فلما جلس قال له : يا شعبي ما أمر تبلّغني عنك يشهد عليك بجهلك؟. قال : ما هو يا أمير؟. قال : ألم تعلم أن أبناء الرجل من ينسبون إليه ، وأن الأنساب لا تكون إلا للآباء؟ فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذريته ، وهل لهم اتصال برسول الله إلا بأمهم فاطمة عليهاالسلام؟ ، والنسب لا يكون بالبنات ، وإنما يكون بالآباء. فأطرق الشعبي ساعة ، حتّى بالغ الحجاج في الإنكار عليه ، وقرّع إنكاره مسامع الحاضرين ، والشعبي ساكت.
فلما رأى الحجاج سكوته أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه. فرفع الشعبي صوته وقال : يا أمير ، ما أراك إلا متكلما كلام من يجهل كتاب الله وسنة رسوله ، ومن يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيظا منه ، وقال : ألمثلي تقول هذا ، يا ويلك!. قال الشعبي : نعم ، هؤلاء قرّاء المصرين حملة الكتاب العزيز ، فكلّ منهم يعلم ما أقول. أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله (يا بَنِي آدَمَ) [وقال (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) [المائدة : ٧٢]. وقال عن إبراهيم : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) [الأنعام : ٨٤] إلى أن قال : (وَيَحْيى وَعِيسى) [الأنعام : ٨٥] أفترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وباسرائيل الله.
(أي يعقوب) وبإبراهيم خليل الله ، بأي آبائه كان؟. أو بأي أجداد أبيه؟ هل كان إلا بأمه مريم عليهاالسلام. وقد صحّ النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال للحسن : «إنّ ابني هذا سيّد ...».
فلما سمع الحجاج ذلك منه أطرق خجلا. ثم عاد يلطف بالشعبي ، واشتدّ حياؤه من الحاضرين.
وإذا وضح ذلك ، فالعترة الطاهرة هم ذريته صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبناؤه وعشيرته ، فقد اجتمعت فيهم المعاني بأسرها.
٣٥ ـ من هم ذوو القربى؟ :
وأما اللفظة الرابعة وهي (ذوو القربى) فمستندها ما رواه الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي في تفسيره ، يرفعه بسنده إلى ابن عباس ، قال :
لما نزل قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] قالوا : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟. قال : علي وفاطمة وأبناؤهما عليهمالسلام.