فقال : أصلح الله الأمير ، ههنا خبر!. قال ابن زياد : ما ذاك؟. قال : كنت خارج الكوفة أجول على فرسي إذ نظرت رجلا خرج من الكوفة مسرعا يريد البادية ، فأنكرته. ثم إني لحقته وسألته عن حاله فذكر أنه من المدينة ، فنزلت عن فرسي وفتشته ، فأصبت هذا الكتاب.
فأخذه ابن زياد ، فإذا فيه مكتوب : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. للحسين ابن عليعليهماالسلام : أما بعد ، فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة ما ينيف على عشرين ألفا ، فإذا أتاك كتابي هذا فالعجل العجل ، فإن الناس كلهم معك ، وليس لهم في يزيد بن معاوية هوى ولا رأي ، والسلام.
فقال ابن زياد : أين هذا الرجل الّذي أصبت معه الكتاب؟. قال : هو بالباب. قال : ائتوني به ، فأدخل. فلما وقف بين يدي ابن زياد ، قال له : من أنت؟. قال : مولى لبني هاشم. قال : ما اسمك؟. قال : عبد الله بن يقطر. قال : من دفع إليك هذا الكتاب؟. قال : امرأة لا أعرفها ، فضحك ابن زياد. قال : اختر واحدة من اثنتين : إما أن تخبرني من دفع إليك هذا الكتاب ، أو تقتل. فقال : أما الكتاب فإني لا أخبرك من دفعه إليّ ، وأما القتل فإني لا أكرهه ، لأني لا أعلم قتيلا عند الله أعظم أجرا من قتيل يقتله مثلك. فأمر ابن زياد فضرب عنقه صبرا (١).
ترجمة عبد الله بن يقطر
أرسله الحسين عليهالسلام برسالة إلى أهل الكوفة وهو في طريقه إلى العراق. وقد اختلف بين أن تكون وفاته وهو ذاهب بهذه الرسالة ، أو بين أن يكون قد أوصلها ثم قبض عليه وهو راجع بجوابها من أهل الكوفة.
وكان عبد الله بن يقطر صحابيا. وكان لدة الحسين عليهالسلام [أي الّذي ولد معه في زمن واحد] لأن (يقطر) كان خادما عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانت زوجته ميمونة في بيت أمير المؤمنين عليهالسلام ، فولدت عبد الله قبل ولادة الحسين عليهالسلام بثلاثة أيام. وكانت حاضنة للحسين عليهالسلام ، لأنه لم يرضع من أمه فاطمة عليهاالسلام ، فلذلك فهو أخو الحسين عليهالسلام من الرضاعة. (انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة للجزري)
__________________
(١) يقال قتل صبرا : إذا قتل وهو أسير ، لا يسمح له أن يدافع عن نفسه أو يقاتل خصمه.