وذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) : أنه لما وصل رأس الحسين عليهالسلام ووصل ابن سعد إلى الكوفة من غد يوم وصوله ، ومعه بنات الحسين عليهالسلام وأهله ، جلس ابن زياد في قصر الإمارة وأذن للناس إذنا عاما ، وأمر بإحضار الرأس ، فوضع بين يديه ، فجعل ينظر إليه ويبتسم وبيده قضيب يضرب به ثناياه عليهالسلام. وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله ، وهو شيخ كبير. فلما رآه يضرب ثناياه بالقضيب ، قال : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما ما لا أحصيه كثرة يقبّلهما ، ثم انتحب باكيا. فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، أتبكي لفتح الله!. لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ، لضربت عنقك. فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله.
وعن زيد بن أرقم أنه قال : مرّ برأس الحسين عليهالسلام وهو على رمح وأنا في غرفة لي في الكوفة ، فلما حاذاني سمعته يقرأ :
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) فوقف والله شعري وناديت : رأسك والله يابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.
وتوفي زيد بن أرقم سنة ست أو ثمان وستين ٦٨ للهجرة.
٨٢٤ ـ نصيحة زهير بن القين لأهل الكوفة وملا سنته مع الشمر :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٨٣)
وخرج إليهم زهير بن القين على فرس ذنوب [أي ذي ذنب وافر] وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله (وفي رواية : نذار عباد الله). إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف. وأنتم للنصيحة منا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا أمة وأنتم أمة. إن الله ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد ، فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما ، ليسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم