الضمير للرباء وقيل للأمر بالوفاء. (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) إذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣) وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٩٤)
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) متفقة على الإسلام. (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) بالخذلان. (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بالتوفيق. (وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سؤال تبكيت ومجازاة.
(وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) تصريح بالنهي عنه بعد التضمين تأكيدا ومبالغة في قبح المنهي. (فَتَزِلَّ قَدَمٌ) أي عن محجة الإسلام. (بَعْدَ ثُبُوتِها) عليها والمراد أقدامهم ، وإنما وحد ونكر للدلالة على أن زلل قدم واحدة عظيم فكيف بأقدام كثيرة. (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) العذاب في الدنيا. (بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بصدكم عن الوفاء أو صدكم غيركم عنه ، فإن من نقض البيعة وارتد جعل ذلك سنة لغيره. (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الآخرة.
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٩٥)
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) ولا تستبدلوا عهد الله وبيعة رسوله صلىاللهعليهوسلم. (ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا يسيرا ، وهو ما كانت قريش يعدون لضعفاء المسلمين ويشترطون لهم على الارتداد. (إِنَّما عِنْدَ اللهِ) من النصر والتغنيم في الدنيا والثواب في الآخرة. (هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) مما يعدونكم. (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) إن كنتم من أهل العلم والتمييز.
(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٩٦)
(ما عِنْدَكُمْ) من أعراض الدنيا. (يَنْفَدُ) ينقضي ويفنى. (وَما عِنْدَ اللهِ) من خزائن رحمته. (باقٍ) لا ينفد ، وهو تعليل للحكم السابق ودليل على أن نعيم أهل الجنة باق. وليجزينّ الّذين صبروا أجرهم على الفاقة وأذى الكفار ، أو على مشاق التكاليف. وقرأ ابن كثير وعاصم بالنون. (بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) بما يرجح فعله من أعمالهم كالواجبات والمندوبات ، أو بجزاء أحسن من أعمالهم.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٩٧)
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) بينه بالنوعين دفعا للتخصيص. (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة في استحقاق الثواب ، وإنما المتوقع عليها تخفيف العذاب. (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) في الدنيا يعيش عيشا طيبا فإنه إن كان موسرا فظاهر وإن كان معسرا يطيب عيشه بالقناعة والرضا بالقسمة وتوقع الأجر العظيم في الآخرة ، بخلاف الكافر فإنه إن كان معسرا فظاهر وإن كان موسرا لم يدعه الحرص وخوف الفوات أن يتهنأ بعيشه. وقيل في الآخرة. (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الطاعة.
(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)(١٠٠)