إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ)(٦٣)
(قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) لما نرى فيك من مخايل الرشد والسداد أن تكون لنا سيدا ومستشارا في الأمور ، أو أن توافقنا في الدين فلما سمعنا هذا القول منك انقطع رجاؤنا عنك. (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) على حكاية الحال الماضية. (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) من التوحيد والتبري عن الأوثان. (مُرِيبٍ) موقع في الريبة من أرابه ، أو ذي ريبة على الإسناد المجازي من أراب في الأمر.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) بيان وبصيرة وحرف الشك باعتبار المخاطبين. (وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) نبوة. (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ) فمن يمنعني من عذابه (إِنْ عَصَيْتُهُ) في تبليغ رسالته والمنبع عن الإشراك به. (فَما تَزِيدُونَنِي) إذن باستتباعكم إياي. (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) غير أن تخسروني بإبطال ما منحني الله به والتعرض لعذابه ، أو فما تزيدونني بما تقولون لي غير أن أنسبكم إلى الخسران.
(وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ(٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)(٦٥)
(وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) انتصب آية على الحال وعاملها معنى الإشارة ، ولكم حال منها تقدمت عليها لتنكيرها. (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) ترع نباتها وتشرب ماءها. (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) عاجل لا يتراخى عن مسكم لها بالسوء إلا يسيرا وهو ثلاثة أيام.
(فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ) عيشوا في منازلكم أو في داركم الدنيا. (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) الأربعاء والخميس والجمعة ثم تهلكون. (ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) أي غير مكذوب فيه فاتسع فيه باجرائه مجرى المفعول به كقوله :
ويوم شهدناه سليما وعامرا
أو غير مكذوب على المجاز ، وكأن الواعد قال له أفي بك فإن وفى به صدقة وإلا كذبه ، أو وعد غير كذب على أنه مصدر كالمجلود والمعقول.
(فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ)(٦٨)
(فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) أي ونجيناهم من خزي يومئذ وهو هلاكهم بالصيحة أو ذلهم وفضيحتهم يوم القيامة. وعن نافع (يَوْمِئِذٍ) بالفتح على اكتساب المضاف البناء من المضاف إليه هنا وفي «المعارج» في قوله : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) القادر على كل شيء والغالب عليه.
(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) قد سبق تفسير ذلك في سورة «الأعراف».
(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ) نوّنه أبو بكر ها هنا وفي «النجم» والكسائي في جميع القرآن وابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو في قوله : (أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) ذهابا إلى الحي أو الأب الأكبر.
(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) (٦٩)