شابه ذلك ، بل تذهب الآية إلى ابعد من ذلك لتأمر بانفاق ما يحبه الإنسان ، والذي هو أهل لان يعطى بيد الله ، فإنَّ غير ذلك ليس أهلاً لوضعه بيد الله ، فالانفاق بالاكل ينبغي أنْ يكون من النوع الذي يحبه المنفق له ولعياله وفي الملابس من النوع الذي يحب لبسه المنفق واهل بيته.
إنَّ نظام القيم الحاكم في الإسلام يحكى عن منح الإسلام القيمة والاهمية لكيفية العمل لا كميته ومقداره ، ولهذا يضاعف الله أجرة تمرة واحدة ألف ضعف ، بينما لا يفعل ذلك في تمرة أُخرى ؛ لأنَّها قد لا تكون مكتسبة من حلال أو قد تنفق بنية الرياء وما شابه. ننقل هنا حكاية عن الرسول صلىاللهعليهوآله تكشف عن دقائق الانفاق :
كان الرسول يعدُّ العدة لاحد غزواته وكان المسلمون يتبرعون لاجل هذه الغزوة .. فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا : مراء ، وهذا القول صدر من المنافقين الذين لا يا من احد من لسانهم ، وجاء أبو عقيل ، الذي ما كان مورده يسعه للتصدق فاضطر للعمل ليل نهار لاجل الاشتراك في هذه التعبئة الجماهيرية ، بنصف صاع فقال المنافقون : إنّ الله لغني عن صدقة هذا ، فنزلت الآية ٧٩ من سورة التوبة : (الّذِيْنَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ والّذينَ لَا يَجِدُونَ إلّا جُهْدَهُم فَيَسْخَرُونَ مِنْهُم سَخِرَ اللهُ مِنْهُم وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيْمٌ) (١)
__________________
(١) انظر الامثل ٦ : ١٣٠ ـ ١٣٣.