وهذا النوع من التقليد ممنوع وغير صحيح حسب الموازين الشرعية والعقلية.
٢ ـ تقليد العالم للعالم : إنَّ العالم هو صاحب الرأي وليس من الصحيح ان يقلد العالم عالماً اخر ؛ لانه إذا كان صاحب رأي فعليه أن يفكر في أن يبدي رأيه ويفيد من علمه الذاتي ، ولهذا قيل في الفقه (يحرم التقليد على المجتهد).
٣ ـ تقليد العالم للجاهل : بأن يترك صاحب الرأي رؤاه وافكاره ويبحث عن رأي الجاهل ليعمل على اساسه. من المؤسف أنَّ هذا النوع من التقليد يكثر في عالمنا اليوم ، ونموذج ذلك هو الديمقراطية الغربية ، فإنّ أصحاب الرأي والمفكرين يتركون من خلال هذه الديمقراطية رؤاهم في مجال تخصصهم ويبحثون عن آراء الناس فيها فاذا ابدى الناس خلاف ما يمنحهم تخصصهم من افكار طرحوا افكارهم واخذوا بما يشاء الناس.
٤ ـ تقليد الجاهل للعالم : بأنْ يَسْأل الشخص الذي يفقد المعرفة في مجال أو تخصص ما من العالم والمتخصص في ذلك المجال ، فالمريض يراجع الطبيب ، والذي يريد بناء بيت يراجع المهندس ، والفلاح الذي يريد حفر بئر يراجع المهندس المختص في هذا المجال و.. والناس يرجعون في مسائلهم الشرعية إلى مرجع تقليدهم. وخلاصة الكلام هنا أنَّ تقليد الجاهل للعالم يعني الرجوع إلى المتخصصين والخبراء ، وهذا أمر متداول في جميع شؤون الحياة ، كما أنَّه أمر معقول.
وعلى هذا ، فالانواع الثلاثة الاولى من التقليد هي الاقسام الممنوعة منه ، والآيات التي تذم التقليد ناظرة إلى هذه الأقسام. أمّا القسم الرابع فهو ممدوح لا جائز فحسب ، والآيات التي تشجع التقليد وتحث عليه ناظرة إلى هذا النوع منه. (١)
لكن ينبغي الالتفات هنا إلى ان التخصص والعلم في مجال ما ، هو الشيء الوحيد الذي يمنح الانسان امكانية ابداء الرأي ، ولا شيء اخر يجيز للانسان ابداء الراي في موضوع ما. ومن المؤسف أنَّا نشهد مؤخراً البعض يبدي رأيه في مواضيع مختلفة قد لا تدخل في مجال تخصصه. إنَّه يُبدي رأياً في مجال الحجاب والقصاص والعاقلة والارث وقضاء النساء واجتهادهن
__________________
(١) للمزيد في هذا المجال راجع نفحات القرآن ١ : ٣٤٠ فما بعدها.