إذن ، لا طريق لإيقاظ المتعصبين واللجوجين من غفوتهم وغفلة أفكارهم غير العذاب الإلهي ، فهو الذي يزيح ستار الغفلة ويوقظهم.
الثاني :(أَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ أفَأنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) (١).
كيف يمكن هداية من كان إلهه هواه؟ إنَّ تعاملهم غير المؤدب مع الرسول صلىاللهعليهوآله وما يطلقونه من كلام بذيء تجاه الرسول ، كله يرجع إلى اتّباع الأهواء ، وإلَّا فبطلان عبادة الأوثان أمر واضح.
أساساً لا يخفى الحق على أحد دائماً ، بل لا بدَّ وأن يظهر له في وقت ما ، وما يمنع من اتّضاح الحق هو عبادة الأوثان. ألم يكن الحق واضحاً عهد الامام علي عليهالسلام في حربه مع معاوية (لعنه الله)؟
في جانب كان علي عليهالسلام مركزاً للعدالة والعبادة ، وأنصاره عبارة عن ثلَّة من المسلمين المخلصين من الصحابة الذين لا يبغون من الحرب إلَّا رضا الله تعالى ، وفي الجانب الآخر كان معاوية مركزاً للظلم والتمييز وسبباً للاضطرابات وعدم الثبات في الدولة الاسلامية ، ويحوم حوله مجموعة من الذين جمعتهم مائدة معاوية الدسمة ورشاويه ، وهل يستحيل تشخيص الحق بين هاتين الطائفتين؟ بالطبع لا ، لكن الأهواء والموائد المنوّعة والرشاوي والأموال هي التي منعت من التشخيص.
يا رسول الله ، أنت لا تستطيع إنقاذ هؤلاء ، فإن أربابهم أهواءهم ، وبئس للانسان الذي يصبح إلهه هواه ، فهو أخطر ما يمكن أن يكون في حياة الانسان.
يقول المؤلف الشهير ويل ديورانت : «لمَّا كان لكلِّ شيء روح أو إله خفيٌّ فالمعبودات الدينية لا تقع تحت الحصر» ، كما يقول : «لا تكاد لا تجد حيواناً في الطبيعة كلها ـ من الجعران المصري إلى الفيل عند الهندوس ـ لم يكن في بلدٍ ما موضع عبادة» (٢).
لكن جاء في رواية : «أبغض إلهٍ عُبد على وجه الأرض الهوى» (٣) ؛ وذلك لأجل أنَّ هذا
__________________
(١) الفرقان : ٤٣.
(٢) قصة الحضارة ١ : ١٠٢ ـ ١١٠.
(٣) المحجة البيضاء ٨ : ٤٤.