يتسلح العراق باحدث الاسلحة واشدها فتكاً ، وهذه المصالح ذاتها اقتضت يوماً أنْ يُنزع العراق أسلحته ليضمنوا بذلك مصالحهم. والملاك في كل ذلك هو مصالحهم المادية ، أمّا المبادئ الإنسانية فمغلوب على أمرها.
المبدأ الحاكم على الاقتصاد الاسلامي هو الأخلاق ، وينبغي أنْ تتم عملية كسب المصالح المادية تحت ضلّ حفظ القيم الاخلاقية ، وعلى هذا الاساس حرّم الإسلام المعاملة التي تعد منشأً للفساد. وعلى سبيل المثال أنّ الإسلام إذا منع تأسيس مراكز للفحشاء أو حرّم بيع الشراب ولعب القمار أو تأسيس مصرف ربوي وغيرها فذلك لأجل أنَّ أموراً من هذا القبيل تعدّ منشأ للفساد الكثير ، الامر الذي لا يتناسب مع الأخلاق الإسلامية.
إنَّ القِيَم الأخلاقية التي تحكم الاقتصاد الاسلامي لها مبادئ عديدة نشير إلى بعض منها هنا :
الف ـ من المبادئ التي تحكم الاقتصاد الاسلامي هي خطاب الآية الشريفة : (لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) أي أنَّ المُعَامَلاتِ الاقتصادية ينبغي أنْ تنظم بشكل يخلو من الظلم لكلا الجانبين البائع والمشتري.
باء ـ كسب النفع ودفع الضرر العام ؛ وعلى أساس هذا المبدأ ، فإنَّ المصلحة الشخصية تكون ضحية المصلحة العامة. والبتّ بالأعمال التي يحتاجها المجتمع يعد واجباً ، فاذا كان المجتمع بحاجة إلى معلمين ، فعلى كل من يستطيع أن يبادر بهذا العمل.
ومن جانب آخر ، أنّ الأعمال التي تضر المجتمع تعد محرمة في الإسلام رغم ما قد يكون فيها من مصلحة ومنافع شخصية ، فبيع المسكر مثلاً ، وكذا النشاطات المتعلقة بهذا النشاط ، محرم وممنوع ولهذا جاء في الروايات أنَّ غرس شجرة العنب لاجل صنع المسكر من ثمارها ، وكذا سقيها وقطف ثمارها وحمله و.. هذا كله حرام. (١)
ويذكر هنا أنَّ المبادئ الاخلاقية لا تنحصر في الواجبات والمحرمات ، بل تشمل حتى المستحبات والمكروهات. ومن هنا كان (تلقي الركبان) مكروها في الفقه الإسلامي. والمراد من
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ٢١ ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ٥٥ ، الحديث ٣ و ٤ و ٥.