إذا راجعك محتاج وسألك شيئاً واجبته بهذا : (أعتذر ، لا يمكنني اعانتك) أي ترده باحترام فذلك افضل من أن تنفق له مع أذية ومنة بأن تقول له : (لا اراك بعد هذا) أو (خذ هذا لتريحني من شرك).
إنَّ هذه الأخلاقية الرفيعة في الإنفاق تلاحظ عند المعصومين بشكل واضح ، فقد قيل في الإمام السجاد عليهالسلام : إذا اعطى السائل قبَّل يده ، فقيل له لِمَ تفعل ذلك؟ قال : «لانها تقع في يد الله قبل يد العبد». (١)
كم هو الفرق بين الانفاق المخلص والمتزامن مع الأدب والاحترام الوافر ، والانفاق الذي يتم عن رياء وتحقير.
٣ ـ التعجيل في دفع الصدقة
لا ينبغي التأني والتواني الوافر والوسوسة عند دفع الصدقة تقرباً لله تعالى ؛ لأنّ الشيطان في ذلك الزمن يسعى كثيراً لمنع الإنسان من دفع الصدقة ، يقول الله تعالى في الآية ٢٦٨ من سورة البقرة : (الشَيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ ويَأمُرُكُمْ بِالفَحْشَاءِ واللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ)
إنَّ الشيطان يوسوس للانسان بشتى الطرق ، فهو يقول مثلاً : (فكِّر بمستقبل أطفالك ، وبأيام شيبك وحافظ على أموالك لذلك الحين). هذا لأجل صرف الإنسان عن الانفاق ، بينما الله يعد بالمغفرة وبارجاع المال المنفق.
وقد تعارف بين الناس أنَّ الشيطان يتعلق بيد الإنسان عند ما يريد الاخير بذل المال ؛ وذلك لمنعه عن البذل. وهذا اشارة أخرى إلى الآية الشريفة.
ومن المثير أنَّ القرآن لم يستخدم كلمة (الفقر) (٢) الا في هذه الآية ، وقد نسبه إلى الشيطان.
مَن كان يرزقك عند ما كنت جنيناً في ظلمات ثلاث؟ الله هو الرازق ، وهو بنفسه سيكون
__________________
(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣٠٣.
(٢) أمّا مشتقات هذه الكلمة فقد استخدمت اربعة عشر مرة في القرآن.