أوّلاً : لم يرد هذا المطلب في أيّة رواية معتبرة بل الظاهر أن الخاتم المذكور لم يكن سوى خاتماً عادياً لأنه لم يتم للمسلمين في ذلك الزمان فتح ايران والشام وأمثال ذلك ولم تصل مثل هذه الثروات الكبيرة إلى أيدي المسلمين بل الفتوحات المذكورة حدثت بعد رحلة الرسول وفي عصر الخلفاء ، مضافاً إلى أن الإمام علي عليهالسلام الذي كان طعامه في أيّام حكومته وخلافته بسيطاً إلى درجة أنه لا يأكل سوى من ادام واحد والغالب انه كان يكتفي بقرص الشعير ويلبس الثياب البسيطة من الكرباس والليف فكيف يعقل أن يمتلك مثل هذا الخاتم الثمين؟!
وعلى هذا الأساس فلا شكّ في ضعف الرواية التي لا تنسجم مع روايات الباب ولا مع سيرة الإمام علي عليهالسلام ولا تتناغم مع أجواء تاريخ النزول ، ولذلك فانها قد وضعت تحت ظروف خاصّة.
ثانياً : كيف يعقل أن يمتلك الإمام علي مثل هذا الخاتم الثمين بحيث يدخل في باب الإسراف المحرم ثمّ يتصدّق به في سبيل الله وينال الثناء الإلهي؟ وعليه فإنّ المستفاد مما ورد من المدح والثناء في هذه الآية الشريفة على هذا العمل كذب هذه الرواية وزيفها وأنها وضعت لتحقيق أغراض معيّنة.
الإشكال الرابع : إنّ هذا العمل لا ينسجم مع حضور القلب
بما أن الإمام علي عليهالسلام كان عند ما يصلّي خاصّة يتوجه إلى الله تعالى بكلّ قلبه ويغرق في صفات جلاله وجماله ولا يكون له التفاتٌ إلى غيره أبداً بحيث إنهم كانوا يخرجون السهام من بدنه الشريف في حال الصلاة (١) ولم يكن يتسنى لهم ذلك في الحالات العادية لصعوبته وشدّة ألمه ، فمثل هذا الإنسان العارف والمتعلق بالله تعالى إلى هذه الدرجة كيف يلتفت أثناء الصلاة إلى كلام السائل ويتصدّق عليه في حال الركوع بالخاتم؟ والخلاصة أن هذه المسألة تتنافى مع حضور القلب في الصلاة لأمير المؤمنين عليهالسلام.
__________________
(١) ذكرنا تفاصيل هذه الحادثة مع وثائقها المعتبرة في كتاب «١١٠ قصة من سيرة الإمام علي عليهالسلام).