الجواب : لا يلزم أن يكون الخوف من الله تعالى متلازماً ومتزامناً مع الخوف من جهنم والقيامة والعذاب الاخروي بل يمكن أن يعيش الإنسان الخشية والهيبة من عظمة الله ، فعند ما يفكر الإنسان المؤمن بعظمة الله تعالى فإنّ الخوف والخشية والمهابة تسري في جميع أركان وجوده ومفاصل بدنه ، ويكون حاله كما لو توجه لملاقاة شخصية مهمة وأراد أن يقول له شيئاً ، فمن المحتمل أن تستولي عظمة ذلك الشخص عليه فلا يستطيع النطق والكلام حينها رغم أن ذلك الشخص هو إنسان عطوف وحسن الأخلاق جدّاً ، وعليه فإنّ هذه الخصلة الخامسة تتفاوت مع الخصلة الثانية والخوف من الله تعالى يراد به هنا الخوف من عظمة الله وكبريائه.
آيات الأجر والثواب
تقدّم أنّ في هذه السورة أربعة عشر آية من آياتها تتحدّث عن الأجر العظيم الذي ينتظر هؤلاء الأولياء جزاءً لإيثارهم وتضحيتهم اتجاه المحرومين ، ولا نجد في القرآن الكريم مثل هذا الثواب العظيم بأي عمل من الأعمال الصالحة التي تصدر من المؤمنين ، بمعنى أننا نرى أن خمسة عشر نوعاً من الثواب ورد بصورة متوالية في هذه السورة ، ولو أمعنا النظر أكثر في هذه الآيات الأربعة عشر لوجدنا عشرين نوعاً من الثواب على ذلك العمل ، وسوف نستعرض هذه المثوبات في ١٢ فقرة لاحقاً ، ولكن قبل بيان هذه المثوبات نرى من الضروري تقديم مقدّمة :
المقارنة بين الثواب الدنيوي والاخروي
بلا شكّ أنّ نعم ومواهب الآخرة تختلف عن نعم ومواهب الدنيا ، لأنه بالرغم من استخدام الألفاظ البشرية والقوالب الدنيوية في شرح وتوضيح تلكم المواهب الاخروية ولكن يبقى مفهومها ومحتواها له ماهية غيبية واخروية ، وعلى هذا الأساس فما نسمعه ونتصوره من النعم والمواهب الاخروية ليس سوى شبح من حقائق ذلك العالم ، ولا ينبغي أن نتوقع إدراك حقائق تلك النعم في هذه الدنيا كما هو الحال في الجنين في بطن امّه حيث لا