بن الخطّاب و «عائشة» بنت أبي بكر (١) ، وبما أن مثل هذه الحالات السلبية تعتبر ظاهرة خطيرة في بيت النبوّة فيما لو تكررت في المستقبل فإنّ الله تعالى يحذّرهما في هذه الآية من الاستمرار في سلوك هذا الطريق الشائن ويقول :
(وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)
وهذا التعبير يشير إلى هذه الحقيقة وهي أن هذه الواقعة قد أضرّت بالنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كثيراً وآلمت قلبه الطاهر إلى درجة أن الله تعالى يهبُّ للدفاع عنه ، ورغم أن القدرة الإلهية كافية في عملية الدفاع عن النبي إلّا أن القرآن الكريم أضاف إليها حماية جبرئيل والمؤمنين الصالحين والملائكة في دفاعهم عن رسول الله.
من هو صالح المؤمنين؟
إنّ ما يلفت النظر في الآية المذكورة ويقع في البحث هو أنه : ما المراد من عبارة «صالح المؤمنين»؟ هل يقصد بها شخص معيّن ، أو أن هذا التعبير شامل لجميع المؤمنين الصالحين؟ بلا شك أن «صالح المؤمنين» له معنى شامل وعام بحسب الظاهر حيث يستوعب جميع المؤمنين الصالحين والمتقين رغم أن كلمة «صالح» قد وردت في هذه الجملة بصيغة المفرد لا الجمع ، ولكن بما أنها استعملت بمعنى الجنس فيستفاد منها المفهوم العام ، ولكن لا شكّ أن مفهوم «صالح المؤمنين» له مصداق أتمّ وأكمل ، ويستفاد من خلال الروايات المتعددة أن هذا المصداق الأكمل والفرد الأتم هو «أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام» وهذا المعنى ذكره الكثير من علماء أهل السنّة في كتبهم ومن ذلك :
١ ـ العلّامة الثعلبي (٢).
__________________
(١) يقول ابن عبّاس : «سألت عمر : من اللتان تظاهرتا على النبي من أزواجه؟ فقال : تلك حفصة وعائشة. قال : فقلت والله إن كنت لُاريد أن أسألك عن هذا منذ سنة فما أستطيع هيبة لك ، قال : فلا تفعل ما ظننت أن عندي من علم فاسألني فإن كان لي علم أخبرتك به ، قال : ثمّ قال عمر : والله إن كنا في الجاهلية ما نعدّ النساء أمراً حتّى أنزل الله فيهنّ ما أنزل وقَسَم لهنّ ما قَسَم. (صحيح البخاري : ج ٦ ، ص ١٩٥ ، سورة التحريم).
(٢) العمدة لابن بطريق : ص ١٥٢ نقلاً عن احقاق الحقّ : ج ٣ ، ص ٣١١.