والخلاصة هي أن الروايات الكثيرة والمتواترة تشهد على أن الإمام علي عليهالسلام أوّل رجل اعتنق الإسلام وآمن بالرسول صلىاللهعليهوآله وبذل النصرة وعلى فرض قبول عدم بلوغه في ذلك الوقت فإن ذلك لا يقلل شيئاً من هذه الفضيلة.
أوّل المؤمنين ، امتياز كبير
ولعلّ البعض يتصور بأن «أوّل المؤمنين» لا يعدُّ امتيازاً وفضيلةً لأمير المؤمنين ولا يختلف الحال بين من سبق الناس إلى الإيمان وبين من التحق بالإسلام بعده ، ولكنّ الإنصاف هو وجود تفاوت كبير وبون شاسع بينهما ، ولأجل توضيح هذا المطلب نستعرض قصة «سحرة فرعون» :
يذكر القرآن الكريم أن فرعون أمر بأن يجمعوا له جميع السحرة من سائر بلاد مصر لمواجهة النبي موسى عليهالسلام ، وفي اليوم الموعود أحضرهم جميعاً وبذل لهم الوعود الكثيرة ومنها أن يكونوا من المقرّبين إلى البلاط الفرعوني «قال نعم وإنكم إذن لمن المقرّبين» (١).
وقد هيّأ فرعون جميع مستلزمات النصر والغلبة في ذلك اليوم بحيث كان مطمئناً إلى انتصاره في مواجهة موسى وهارون وحلّ ذلك اليوم ، وألقى السحرة في البداية عِصيّهم وحبالهم وسحروا أعين الناس وانقلبت هذه العصي والحبال إلى أفاعي وثعابين مخيفة.
ثمّ إنّ موسى عليهالسلام ألقى عصاه بأمر من الله تعالى نحو سحر السحرة فانقلبت العصى إلى ثعبان عظيم وبدأ يلتقم حبالهم وعِصيّهم وحطّم بذلك سحرهم ومكيدتهم ، فأدرك السحرة أن هذا الشخص ليس بساحر وأنه مؤيّد من قبل الله تعالى ولذلك سجدوا جميعاً وقالوا : (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٢)
وكان إيمان هؤلاء السحرة الذين جمعهم فرعون لغرض مواجهة موسى ، مؤثراً بشدّة في تقوية ودعم جبهة الحقّ ويعدّ ضربة قاصمة إلى فرعون والملأ ، لأن الناس عند ما شاهدوا
__________________
(١) سورة الأعراف : الآية ١١٤.
(٢) سورة الأعراف : الآية ١٢١.