توصيات آية الولاية والإنذار
هذه الآية الشريفة لا تقتصر على بيان بعض البحوث الاعتقادية والتاريخية ، بل تتضمن توصيتان لجميع المسلمين والشيعة في عصرنا الحاضر وتفتح لهم أبواب الحياة الكريمة والعقيدة السليمة في هذا الزمان وجميع الأزمنة وبإمكانها فيما لو جسّدها الإنسان على مستوى الممارسة والعمل أن تحلّ كثيراً من مشكلاته في حركة الحياة :
١ ـ التعصّب هو الحجاب والمانع!
يستفاد من المقطع الأوّل لهذه الآية الشريفة أن الإنسان لا يمكنه أن يصل بأدوات التعصّب واللجاجة إلى أي مرتبة من مراتب المعرفة والكمال الإنساني ، فلو أراد الإنسان أن يدرك الحقّ والحقيقة فينبغي عليه أن يتحرّك في خطّ الحقّ من موقع التسليم والإذعان لا من موقع التفسير بالرأي وتحكيم الآراء المسبقة واتّباع الأهواء النفسية ، ولهذا نرى أن الآيات القرآنية والروايات الشريفة قد نهت بشدّة عن «الجدال بالباطل» وحذّرت من عاقبة اتّباع هذا الطريق المنحرف للوصول إلى الحقّ ، حيث يقول القرآن الكريم في الآية الثالثة من سورة الحجّ :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ)
فالمجادلة بالباطل في هذه الآية الشريفة قد جعلت رديفاً لاتّباع الشيطان المريد ، وهذا يعني أن الإنسان إذا صار في خطّ الجدل والمراء وتعامل في حواره مع الآخرين بلغة التعصّب والابتعاد عن المنطق فإنه يكون قرين «الشيطان المريد».
ونقرأ في الروايات الإسلامية ما يؤكد هذا المضمون من أن أحد الحجب والموانع المهمة للإيمان والوصول إلى مرتبة اليقين هو الجدال بالباطل والمناقشة مع الطرف المخالف بلغة الاتهام وعدم التمسك بالبرهان المنطقي والعقلاني ، فقد ورد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قوله :
«ما ضَلَّ قَوْمٌ إلّا أَوْثَقُوا الْجِدالَ» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢ ، ص ١٣٨.