فعند ما جاء النبي صلىاللهعليهوآله لهم بمعجزة من الله تعالى لن يتمكنوا من الإتيان بمثلها مضافاً إلى معجزات اخرى ، فلا معنى لطلبهم معجزة اخرى من النبي الكريم ، ولذلك أمر الله تعالى أن يقول في جوابهم : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فمسئوليتك هي الإنذار والتحذير وليست الإتيان بالآية والمعجزة فإننا نحن الذين نقرر شكل المعجزة وكيفيتها ، ولكلِّ قومٍ شخص يهديهم إلى الحقّ.
وعلى هذا الأساس يتّضح التناسب والانسجام بين صدر الآية وذيلها.
من هو المنذر والهادي؟
ولغرض توضيح معنى هاتين المفردتين يمكننا البحث في هذا الموضوع من طريقين :
الأوّل : تفسير الآية بدون ملاحظة الروايات
فهل تعني هذه الآية الشريفة أن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هو «المنذر» وهو «الهادي»؟ أو أنه منذر فقط والهادي شخص آخر؟
وهنا توجد ثلاث نظريات في تفسير هاتين الكلمتين :
١ ـ يرى البعض أن هاتين الكلمتين تعودان كلاهما إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، فهو المنذر وهو الهادي في نفس الوقت.
ولكن الإنصاف إن هذا القول مجانب للصواب ولا ينسجم مع ظاهر الآية ولا يتناسب مع أجواء الفصاحة والبلاغة في اللغة العربية ، لأنّ هاتين الكلمتين لو كانتا تعودان على شخص واحد فمقتضى الفصاحة والبلاغة أن تقول الآية :
(أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) لا أن تكون كلمة «هادٍ» في جملة مستقلة ومنفصلة عن الجملة الاولى ، وعليه فإنّ الظاهر من الآية أن تكون كلمة «هادٍ» متعلّقة بشخص آخر غير نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله حيث ينبغي استكشافه من خلال القرائن والشواهد الاخرى.
٢ ـ وذهب آخرون إلى أن «المنذر» يعود إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بينما «الهادي» يعود إلى الله تعالى ، فالنبي هو المنذر للناس ، والله تعالى هو الهادي لكلِّ قوم إلى الصراط المستقيم وطريق الحقّ.