(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا)
فالتقوى في نظر الإسلام مهمة في عملية الصعود بالإنسان إلى مدارج الكمال وتعني أن يعيش الإنسان الخوف والخشية من الله تعالى بحيث يدفعه ذلك إلى اجتناب الذنوب ولا يحتاج معها إلى ضوابط خارجية.
الثاني : هو أن الله تعالى يأمر المؤمنين في هذه الآية الشريفة أن يكونوا مع الصادقين.
من هم الصادقين؟
سؤال : هل أن المراد من «الصادقين» في هذه الآية الشريفة ، والذين أمر الله تعالى المسلمين باتباعهم هم أشخاص معيّنون ، أو أن المراد هو المعنى اللغوي لهذه الكلمة ، أي أن يتبع الإنسان كلُّ شخص صادق؟
الجواب : نحن نرى أن المراد من «الصادقين» في هذه الآية الشريفة ليس كلُّ إنسان صادق بل أفرادٌ مخصوصون ، والشاهد على ذلك وجود قرينتين في هذه الآية :
١ ـ أنه لو كان المراد من كلمة «الصادقين» هو المعنى العام لا الخاصّ فيجب أن يقول «كونوا من الصادقين» لا «مع الصادقين» لأن الواجب على جميع المسلمين أن يكونوا صادقين لا مجرد أن يكونوا مع الصادقين ، وعلى هذا الأساس يتّضح من وجوب اتباع الصادقين والكون معهم أن المراد بهم هم أشخاص معيّنون بحيث يجب على المسلمين إتباع هؤلاء الأشخاص.
٢ ـ والشاهد الآخر على هذا المعنى أن ظاهر الآية يدلّ على أن إتباع هؤلاء غير مقيّد بقيود أو شروط ، وعليه فإنّ إطلاق وجوب اتباعهم يدلُّ على ضرورة أن يكون هؤلاء الصادقون معصومين ومصونين من الخطأ والاشتباه والزلل لأنه لو لم يكونوا كذلك فلا يصحّ للمسلمين اتباعهم مطلقاً بل عليهم الابتعاد عنهم في حالات الزيغ والخطأ والمعصية.
وعلى هذا الأساس فبما أن وجوب اتباع «الصادقين» ورد بصورة مطلقة لزم أن يكون هؤلاء الصادقين أشخاصاً معينين ومعصومين من الخطأ والذنب ليتسنّى للآخرين اتباعهم بصورة مطلقة.