وعلى هذا الأساس فإنّ هؤلاء الكفّار والمشركين قد تملّكتهم حالة من اليأس المطبق في تحقيق النصر على هذه الدعوة الجديدة.
(فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) فمع هذا النصر الكبير الذي حصل لكم في هذا اليوم فلا ينبغي لكم بعد ذلك أن تعيشوا حالة الخوف والخشية من الأعداء لأنهم سوف لا يشكلون خطراً عليكم إطلاقاً بل عليكم أن تتحركوا في امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى من موقع الخشية لله والتقوى لأنّ الخطر الأساس في هذه المرحلة يتمثل في الأهواء والشهوات والابتعاد عن خط الطاعة والتقوى والمسئولية.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) ففي هذا اليوم العظيم والمهم أكمل الله لكم دينكم وأتم نعمته عليكم.
(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) إنّ عظمة هذا اليوم وأهمية هذه الحادثة إلى درجة بحيث إنّ الله عزوجل رضى لكم الدين الإسلامي إلى الأبد.
أيّ يوم هو ذلك اليوم؟
إن اليوم الذي تتحدث عنه الآية الشريفة له خصائص مهمة أربع :
١ ـ إن هذا اليوم هو اليوم الذي شعر فيه الكفّار والمشركون باليأس الكامل.
٢ ـ اليوم الذي أكمل الله لكم الدين.
٣ ـ اليوم الذي أتم الله تعالى نعمته على جميع المسلمين.
٤ ـ اليوم الذي رضى به الله تعالى أن يكون الإسلام ديناً خالداً لجميع الناس فأيّ يوم هذا اليوم المبارك الذي يتمتع بهذه الخصوصيات الأربعة؟
وللإجابة على هذا السؤال يمكننا اختيار طريقين :
الطريق الأوّل : التأمل والتدبّر في مضمون الآية الشريفة نفسها ومطالعة ما يمكن استيحاؤه من أجوائها بغض النظر عن الروايات والأحاديث الشريفة الواردة في تفسير هذه الآية وبغضّ النظر كذلك عن آراء المفسّرين وعلماء الإسلام وسائر العلائم والقرائن الاخرى التي تحيط بهذه الآية الشريفة.