سؤال : من المعلوم في علم الدراية والحديث أن الراوي لو روى حديثاً يتضمن مدحه والثناء عليه فإنّ هذه الرواية لا تكون مقبولة ، فكيف يمكن الاستدلال بالرواية المذكورة آنفاً على المطلوب والحال أن الراوي هو الإمام علي عليهالسلام نفسه؟
الجواب : إنّ هذا الكلام صحيح بالنسبة إلى غير المعصومين ، ولكن بالنسبة إلى المعصومين الذين لا يتصور في حقّهم الخطأ والذنب فغير صادق ، والإمام علي عليهالسلام باعتقاد جميع الشيعة معصوم ، وكذلك يرى أهل السنّة أن الأحاديث والروايات الواردة عن جميع الصحابة وأحدهما الإمام علي عليهالسلام ، حجّة ودليلاً شرعياً ، وعليه فالإشكال المذكور مردود وغير وارد لدى كلا الفريقين.
٤ ـ ما ورد في مصادر الفريقين العامّة والخاصّة من حديث الإسراء حيث رواه أهل السنّة عن ابن عبّاس (١) ورواه علماء الشيعة عن ابن مسعود ، ويروي هذان عن رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه الرواية ، حيث قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
لَمّا اسْرِيَ بي الى السَّمَاءِ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وبَيْنَ رَبّي مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيُّ مُرْسَلٌ وَلا حاجَةٌ سَأَلْتُ إلّا أَعْطانِي خَيْراً مِنْها فَوَقَعَ فِي مَسامِعي (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فَقَلْتُ : إِلهي أَنَا الْمُنْذِرُ ، فَمَنِ الْهادِي؟ فَقالَ : يا مُحَمَّد ذاكَ عَلِيُّ بْنُ أَبي طالِب غايَةُ الْمُهْتَدِينِ ، إمامُ الْمُتَّقِينَ ، قائِدُ الغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ (٢) ؛ وَمَن يَهْدِي مِنْ امَّتِكَ بِرَحْمَتِي إلَى الْجَنَّةِ (٣).
هذه الرواية الجذّابة والشيقة تبيّن بجلاء تطبيق الآية محل البحث على النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله والإمام علي عليهالسلام في السماء.
__________________
(١) شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٢٩٦.
(٢) جملة «قائد الغرّ المحجلين» ورد في روايات عديدة. و «الغرّ» جمع «أغرّ» وهو الأبيض النوراني ، ويقال للشخص ذي الوجه النوراني «أغرّ» ، وأما «محجّل» فمن «حَجَل» وهو نوع من الطير الأبيض ، ثمّ اطلق على الفرس الأبيض ، ثمّ على كلّ شخص ذي سمعة طيبة ومكانة مرموقة في المجتمع ، وعليه فيكون معنى الجملة «قائد الوجهاء والشخصيات الراقية في المجتمع».
(٣) تفسير فرات الكوفي : ص ٧٨.